الأربعاء، 26 مايو 2010

السعوديات بحاجة إلى ثورة على هيئة الأمر بالمعروف


في نهاية الأسبوع الماضي، نشرت جريدة التايمز اللندنية لمراسلها في الشرق الأوسط عن تصدي النساء وبعض الشباب لعناصر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويذكر المراسل حادثتين مثيرتين من المواجهات العنيفة بين نساء سعوديات وما يسمى بالشرطة الدينية المسؤولة عن مراقبة وقمع المظاهر التي تراها الجماعة تتنافى مع القيم والأعراف السائدة!
ويورد حادثة عن امرأة أوسعت الشرطي ضرباً لدى استجوابها في الشارع، وفي الثاني أطلقت امرأة النار على الجماعة!
هذه حوادث مهمة، وستكتسب أهمية بالغة إذا تحولت إلى تمرد عام، وثورة تقوم بها السعوديات ضد الهيئة التي تتدخل بصلافة، يحميها القانون، في حياة النساء أثناء تحركهن في الطريق العام، لأن المرأة السعودية ليست بهيمة حتى يسلط عليها هذا البلاء الأسود!
السعودية هي أمّ بالدرجة الأولى، ومتعلمة، حصلت على شهادات عالية، وقسم منهن تبوأن المناصب، فلماذا يخضعن لطغمة من السلفيين أطبق عليها الظلام، وباتت تعيش في دهاليز الماضي!
يذكر أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عملت بصورة فردية قبل نشوء المملكة، ثم تبناها الملوك السعوديون وجعلوا منها هيئة رسمية يحميها القانون، ولدى مرض الملك فهد وتردي صحته نشطت الهيئة وزادت من تدخلها في شؤون المرأة.
بوفاة فهد ومجيء عبد الله، حاول الأخير الحد من نفوذ الهيئة، بَيدَ أن خلافات عميقة داخل الأسرة، يقف على رأسها بعض المتنفذين، أدت إلى بقاء الهيئة وبقاء نفوذها على حاله، رغم أن حادث 11/سبتمبر جعل الرئيس بوش يطالب الدول الإسلامية بتغيير نمط حياتها المتخلف، وهو الموقف الذي يدعم موقف الملك عبد الله في النهاية.
ولعل القيم والأعراف التي تدعي الهيئة الحرص عليها تعود إلى القرن الثامن عشر، وهي القيم التي أبقت السعودية تثبت في مكان واحد، وينعكس ذلك على النساء بصورة أشد، بينما يتحايل الرجال بسهولة على قوانين الركود، ويمارسون كل أنواع الفساد التي ترغب بها نفوسهم، بمجرد الانتقال بالسيارة إلى البحرين، أو دبي، أو قطر، إضافة إلى أوكارهم الخاصة داخل السعودية، لذلك ترى أغلبهم يؤيد استمرار الهيئة في ونشاطها!
في اسطنبول، جرى حديث لطيف مع سيدة سعودية وابنتين مثقفتين لها، ثم تطرق الحديث إلى الهيئة، فأبدت الفتاتان تذمرهما الشديد من المضايقات التي تتعرضان لهما من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ رغم ارتداء النساء للعباءة لا يمكنها السير في الطريق من دون محرم "ولي أمر" مطالب بإبراز وثيقة تؤكد ذلك لأي اثنين من الهيئة، وهم يطوفون بالمئات في الأسواق والطرق العامة، موظفين أو متطوعين، يتمتعون بسلطة مطلقة في التعامل مع النساء!
وفي مقابلة للـ CNN طرحت المذيعة على موظفة سعودية كبيرة في بنك السؤال التالي: أنت توقعين على مبالغ تصل الملايين، بل البلاين من الدولارات، بينما لا تستطيعين قيادة السيارة، كيف تفسرين هذا؟
كان الرد: أترك الجواب للملك عبد الله!
لا نعلم إن كان الملك عبد الله قد أجاب على السؤال، لكننا نعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جعلت السعودية قابعة في الماضي، رغم الثروة الكبيرة، ورغم الأبراج الزجاجية العالية، ودخولها أخيراً إلى مصاف الدول النووية، ثم توظيف أكثر من 14 ألف من النساء في جهاز التعليم، سوف ينطلقن، كلهن، إلى وظائفهن وهن مرافقات بمحرم يحرسهن من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهل يناسب السعودية أن تظل أكبر دولة قامعة للنساء!

ليست هناك تعليقات: