عندما تكذب، ستجد نفسك مضطراً إلى الكذب مرة أخرى لتغطي على الأولى، وهكذا، تكرّ الأكاذيب لتغطي بعضها، حتى الغرق!
حزب العمال البريطاني الذي جاء، ضمن ما جاء من أجله، لرفع مستوى الفقراء بعد أن خلقت تاتشر طبقة متوسطة ثرية، قام وأتى إلى السلطة على كذبة قوامها الوقوف إلى جانب العمال، ثم بدأ ينهك الناس بالضرائب، وينفذ سياسة تاتشر!
وقفت يوماً في محطة بنزين لأنفخ دولاب سيارتي، فرفضت الماكنة العشرين بنس المعتادة، وحين سألت عن السبب قال صاحب المحطة: آسف، يجب وضع خمسين بنس لتشتغل الماكنة!!
قال أحد المواطنين ساخراً: يوما ما سندفع الضرائب على الهواء الذي نتنفسه!
لقد بدأ البريطانيون يدفعونه على نفخ دواليبهم، كبداية!
اقتصاد الدول هو مجرد أرقام تتصاعد، ثم تفلت الأمور من نصابها، ويُعلن الانهيار، ثم الركود، ويمثل بعض الأشخاص، من رؤساء شركات المال أمام المحاكم، ويكاد السر يغيب عن أصحاب الدخل المحدود، ممن يتوجهون إلى السوق في نهاية الأسبوع ومعهم ثلاثين جنيهاً ليملئوا عربة المشتريات، فيجدون أنفسهم بعد أسبوعين مطالبين بسبعين!
لكن أصحاب الماركت الذين يربحون بليونين باوند في السنة، يجدون الأمر لا يصدق حين ينخفض هذا الربح إلى بليون وتسعمائة مليون، فيرفعوا الأسعار لكي يعود الربح إلى سابق عهده، مع زيادة تشجيعية تقدر بخمسمائة مليون باوند، فيصبح الربح السنوي بليونين وخمسمائة مليون في السنة، بعد دفع الضرائب!
أصحاب الماركت يربحون باضطراد، والخسارة الطارئة تأتي نتيجة زيادة رواتب المدراء، حيث يقدر راتب احد المدراء في (......) بـ 4 مليون باوند! أن مهمته وضع أرباح تصاعدية على كل بضاعة في كل أسبوع، ويغدو سعر (لوف سودا) من 95 بنس، إلى 110 بنس، ثم إلى 120 بنس في أقل من سنة!
لكن لماذا تسمح الدولة بهذا الارتفاع، حيث ما زال المزارع والفلاح يبيعان بأسعار العام السابق؟ السبب هو في جني الضرائب، والدولة سادرة في تضخيم الميزانيات الحكومية، ولا تلتفت إلى صراخ المواطن الذي لا ترتفع مرتباته!
إنها حلقة جهنمية من الأرباح المتصاعدة، طرفها الأول الفلاح والمزارع، والثاني المواطن الملتاع بالأسعار، وبينهما تكبر طبقة المدراء الأثرياء! وضرائب الدولة تقفز كل شهرين. إنها تقف على نابض نشيط، أصبح يُحرك بأزرار آلية.
لقد ذهبنا بعيداً وراء الأرقام، ولن نصل إلى نتيجة، لأننا في خضم السوق الرأسمالية. والآن، ماذا بشأن الكذب، التصاعدي؟ فهو يسير جنباً إلى جنب مع تصاعد الضرائب، إذ كشفت "التايمز" اللندنية في بداية هذا الأسبوع أن شركة شل البريطانية-الهولندية كتبت رسالة إلى توني بلير إبان حكمه، وطلبت منه إيصالها إلى ليبيا لعقد صفقات معها.
تقول الجريدة "في حين أنه من الشائع عن وزراء الحكومة الترويج للمصالح البريطانية في الخارج! إلا أن شل تكشف بشكل غير عادي، عن قدرتها على إملاء نص محادثة بلير مع الزعيم الليبي"
والرسالة ترمي إلى تحسين علاقات بريطانيا مع ليبيا، مقابل الإفراج لاحقاً عن عبد الباسط المقرحي المتهم بعد إدانته بعملية لوكربي. وتطلب الرسالة بوضوح أن تجعل بلير يهنئ الزعيم الليبي بمناسبة عيد الثورة، ثم يقترح عليه أن يبرم مع الشركة صفقة قيمتها 900 مليون دولار لاستكشاف حقول النفط البحرية في ليبيا، وفي المقابل يتعهد له بإطلاق المقرحي بحجة إصابته بالسرطان!
لقد أبرمت الصفقة، مع امتيازات أخرى لبريطانيا، ولفقت وزارة الصحة أن المقرحي في لحظاته الأخيرة (شهرين) على أبعد حد، بينما أهالي الضحايا غير عارفين السبب الحقيقي وراء إطلاق سراحه في 20 اوغست 2009، وهو ما زال حياً حتى هذه اللحظة! فكم قبض توني بلير من شركة شل؟ وكم هي الوظائف "السرية" التي يقبض عنها كمستشار شرفي لهذه الشركة أو غيرها ممن قدم لهن خدمات مشابهة!
يقال إن ثروة بلير "العلنية" تبلغ أربعة ملايين باوند جمعها خلال توليه الحكومة (8 سنوات) وحزب العمال الذي يحكم بريطانيا منذ 13 عاما، أوجد ما يعتبر حق رئيس الحكومة في جمع ما يقدر عليه من مال إلى أن تنتهي ولايته، أو يزيحه منافس، بينما كان رؤساء الحكومات السابقين يشعرون بالخجل إذا عثرت مديرية الضرائب على خمسين باوند قبضوها بصورة غير شرعية!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق