أخيراً اعترف اوباما بأنه "أحرق أصابعه في الشرق الأوسط" وفي الحقيقة أن النار صعدت إلى شعر رأسه، وسمح بطريقته المتهاونة في تشييد كتل من المشاكل بالمنطقة، سيغدو حلها صعباً على الأطراف المعنية بالصراع!
وهو الذي كثيراً ما يردد، بمناسبة وبدون مناسبة وكأنه غير مصدق "إنني كرئيس للولايات المتحدة..." لا يعرف قيمة هذا الكلام الخطير، الذي يقال لدى اتخاذ القرارات الكبيرة المتعلقة بالحرب والسلام، فجعل أمريكا قوة دولية بلا أنياب، يهزأ بها رؤساء دول صغيرة، وقادة ميليشيات تابعة لإيران، يتحدثون من موقع قوة، ويهددون العالم باستخدام بلدانهم كساحات معارك تلعب بالتوازنات وتحرق مصائر الشعوب!
ما الذي يعرفه أوباما عن مشكلة الشرق الاوسط، المعقدة بسبب عناد وتخلف مجتمعاتها، والمتعاملة بسذاجة مع الحقائق التاريخية، لكي يرمي بثقله الهش في خضمها، سوى أنه أول رئيس أمريكي من أصل أفريقي، لأب مسلم من كينيا، لا يعرف أحد مدى عمق أو سطحية تدينه، وهو يدعو الأصوليين للتبشير بين مسلمي أمريكا ليشد أواصر المسلمين في العالم!!
لقد اعترف أوباما بحرق أصابعه في الشرق الأوسط، بعد أن شلّ يد دوله، وفرض رأيه الساذج على حكوماته التي كانت تطالب بمنع إيران من تدخلاتها الإقليمية في شؤونه، مما سمح لها بتعزيز تلك التدخلات بضخ الأسلحة في لبنان وغزة، وسمح بتحويل حزب الله وحماس إلى قوى موازية لإسرائيل، ومعرقلة للتسوية السلمية، ولاعبه أساسية فيها!!
ولعل سياسات اوباما كلها، وبينها على وجه الخصوص ما يتعلق بالشرق الأوسط، تقوم على السذاجة، لأنه يقيم القضايا بناءاً على أمنيات جائزة نوبل للسلام الذي منحت له قبل الأوان، وليس على ضوء عوامل تشعب الصراع، وتراكم الإحباط فيه، لأنه لا يعرف أن المجتمعات في الشرق الأوسط تنجر بسرعة، وبعمى، إلى شعارات الدين، حتى إذا كان مصدرها أخطر عدو للعرب(1)
وقد مد يده إلى حكومات تحول أية فرصة للمهادنة إلى مناسبة لالتقاط الأنفاس، تعزز بها قدراتها العسكرية لتظهر أكثر شراسة ضد خصومها في مرحلة أخرى، ومن بين هذه الحكومات إيران، وسوريا، وحكومة عمر البشير!
فإذا كان اوباما اعترف أخيراً بإحراق أصابعه في الشرق الأوسط، وأنه دخل في حقل ألغام، ما الذي خلفه هذا الحرق في منطقة الصراع نفسها:
أولاً، إطلاق أول صاروخ من غزة لتنظيم القاعدة.
ثانياً، يهدد حسن نصر الله بأن جميع السفن في الجانب الشرقي للبحر الأبيض أصبحت تحت مرمى صواريخ الحزب.