توجد قوانين تحكم المجتمعات، تجعلها تميل إلى الدفاع عن نفسها لتحمي ما توصلت إليه من تطور بطئ، وتتنافس مع مثيلاتها للترقي به إلى مستوى واحد من التحضر، ويحدث هذا من دون وعي ولا مقصودية إلا لدى النخب التي تدرس الظاهرة، التي تخرج بالتوصيات الداعمة للمؤشرات!
كان التحضر واحداً من السمات العامة لدول أوربا، وبدت الستون سنة الأخيرة تدفع بهذا الاتجاه حثيثاً، بينما ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تدعم التطور الأوربي بصفتها الراعية له، لاستخدامه في حربها الباردة مع الروس (الاتحاد السوفييتي آنذاك) فظهرت منظمات حقوق الإنسان، كجزء من تلك الحرب، وجزء من المجتمع المدني، لحماية ذلك التطور وعدم الإخلال بمقوماته، وكان التطوع أساس العمل فيها.
بعد انتهاء الحرب الباردة، كثرت وتشعبت منظمات حقوق الإنسان وبدأت نفسها الإخلال بمفهوم التحضر. أصبحت مؤسسات ضخمة تدفع الرواتب الكبيرة لمستخدميها، وراحت تختلق الأسباب لأداء واجباتها.
الآن، وفي ظل تشعب منظمات حقوق الإنسان وانقلابها على مبادئها الأساسية، وتزاحمها على قضايا لا تعنيها، ظهرت مشكلتان انقسم العالم حولهما، وبدأ النظر إليهما بعين تفتقر الموضوعية والإنصاف، هما الإرهاب الإسلامي، ثم برزت قضية الغجر الرومان، فقد أساءت منظمات حقوق الإنسان إلى مفهوم الدين ومفهوم المواطنة في بحثها عن قضايا جانبية تعطي الحق لنفسها في تولي الدفاع عنها، فأخفقت في ذلك، وأعطت مردوداً سلبياً انعكس على الأصول القانونية لتلك القضايا، ووجهت الرأي العام في أوربا وأمريكا ليغدو ضدها.
لعل انبعاث الأحزاب اليمينية، التي كانت مجرد أفكار تدور في أذهان الأفراد لا يجرؤن البوح بها منذ اندحار النازية والفاشية في الحرب الثانية هي واحدة من تلك السلبيات الخطيرة التي قادت إليها تصرفات منظمات حقوق الإنسان غير المسؤولة، والمستفزة لمشاعر أعداد كبيرة من الناس، تراكمت لديهم الانفعالات والمخاوف على حقوقهم ولفترة طويلة، ثم تبلورت في أصوات واحدة عبّر عنها اليمين، ثم اليمين المتشدد، كما هي الحال في هولندا، وبلجيكا، والسويد وبريطانيا، ودول أخرى سيظهر فيها الصوت الواحد الجديد، ليكتسح في طريقه التساهل والتسامح الذي اتسم به الغرب!
ربما تكون للغجر طبيعة متشردة، بكل ما يلحق بالتشرد من عادات قبيحة تمجها المجتمعات المتحضرة، حمل في النهاية الرئيس الفرنسي ساركوزي على اتخاذ قرار بإعادتهم إلى بلدانهم لأنهم يرفضون الانخراط في هيئات مدنية منضبطة، فتكون بذلك قضيتهم قابلة لنقاش يشترط فيه أن يكون متوازناً، إلا أن دفاع منظمات حقوق الإنسان عن سجناء الإرهاب الإسلامي، والمطالبة لهم بحقوق متساوية مع المواطنين في الغرب، رغم أنهم خارجين على القانون، ويهددون الناس بحياتهم، هو الأمر الذي جعل الغربيين يتساءلون في النهاية: كيف أرفع من يهدد حياتي بالخطر ويختبئ في بلدي، الذي استضافه، يتحين الفرص، إلى مستوى المظلومية؟
لقد طالبت المنظمات المذكورة بمعاملة سجناء كوانتانامو كسجناء رأي، ومحاكمتهم في دوائر قضاء مدنية، ثم راحت تعارض نقلهم إلى سجون في أوربا، وتدعو لهم بالحقوق التي تضمنها العدالة للسجناء المدنيين، وهي تعرف أن البعض ممن أطلق سراحه عاد إلى ساحات الإرهاب من جديد، وإنهم يمثلون خطراً حتى على الدول الإسلامية ويرفضون الرأي الآخر، ويهتفون من وراء القضبان، وهم يحملون القرآن، الله أكبر، الله أكبر!
ولم تكتف بهذا، بل وقفت مع الإرهابيين الذين قاموا، أو قبض عليهم يقومون بتفجيرات شنيعة في قطارات الأنفاق ببعض دول أوربا، وراحت تدقق في الإجراءات القانونية التي أحيل بموجبها ممن قبض عليهم متلبسون بالإرهاب، وطالبت لهم بمحاميين غير حكوميين باعتبار صوت هؤلاء المجرمين غير مسموع! بينما كانت الجماعات المؤيدة لهم تعلن فيما يشبه الصراخ في الإذاعات والصحف الأوربية
أنهم يردون بالتفجيرات على احتلال أفغانستان والعراق من قبل الغرب، وظل الأوربيين يسمعون هذا الهراء غير مصدقين، ولكنه أصبح يقترب من حياتهم، ويهدد الحرية الفردية التي اعتادوا عليها، لأن الحكومات بدأت تحاصر الناس بقوانين المراقبة (الفيديو) وتسمح لنفسها بالتدخل في شؤونهم الخاصة تحت ذريعة وجود الإرهاب!
أكثر من هذا، سمعنا عن منظمات منضوية تحت لافتة السلام في الشرق الأوسط، (كارنيجي)* على سبيل المثال لا الحصر، تتدخل باسم الديمقراطية للدفاع عن الجماعات الإسلامية، وهي المصدر الرئيسي للإرهاب، وتطالب بمساواتهم بالمواطنين العاديين في حق المعارضة وخوض الانتخابات البرلمانية، وتراهن، بعد تجربة حماس السيئة الصيت في غزة، على ديمقراطية الإخوان المسلمين في مصر، وبذلك تهدد استقرار بعض الدول الكبيرة!
هناك حقيقة تعرفها الأحزاب الاشتراكية في أوربا، وتعظ إصبعها ندماً، وهي أنها استمالت الإسلاميين وبنت لهم الجوامع والجمعيات بأموال دافعي الضرائب، وتجاهلت ردود أفعال المواطنين الأصليين وشكاواهم عن وجود أغراب يهددون بإشاعة تقاليدهم وعاداتهم المتخلفة في مجمعات منفتحة، ولم ينتبه الاشتراكيون إلا بعد فوات الأوان، وفقط حين تساقطت بعض قوائمهم في الانتخابات، وفي الواقع تمثل هذه النتائج التحولات المنتظرة الأولى، وهي مقدمة للأسوأ!!
إن غالبية المسلمين المقيمين في أوربا وأمريكا واستراليا لا ينتبهون إلى التطورات السابقة، فهي تمر عليهم وهم في غفلة من أمرهم، منشغلون بأمور الحجاب والنقاب والمساجد ليبقوا في قلب الأوطان الأصلية التي تركوها وجاءوا يبحثون عن العيش الكريم في دول الغرب، من دون أن يعطوا هذه الدول حقها في المواطنة، أكثر من ذلك جهلهم بالدوافع السياسية التي تقف وراء شعارات مثل حق المرأة في ارتداء النقاب والحجاب، وزيادة أعداد الجوامع لتساوي الكنائس في بلدان مسيحية يمثل مواطنوها الأغلبية، لكن ما إن تضجر تلك الدول من البالغة في البطر الإسلامي المتخلف، ويشددون الخناق عليهم حتى يبدأ الصراخ والعويل، ويومها لن يجدوا المدافعين التقليدين عنهم، لا الاشتراكيين ولا منظمات حقوق الإنسان، لأن الزمن سيتجاوزهما وبلا عودة!
كان التحضر واحداً من السمات العامة لدول أوربا، وبدت الستون سنة الأخيرة تدفع بهذا الاتجاه حثيثاً، بينما ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تدعم التطور الأوربي بصفتها الراعية له، لاستخدامه في حربها الباردة مع الروس (الاتحاد السوفييتي آنذاك) فظهرت منظمات حقوق الإنسان، كجزء من تلك الحرب، وجزء من المجتمع المدني، لحماية ذلك التطور وعدم الإخلال بمقوماته، وكان التطوع أساس العمل فيها.
بعد انتهاء الحرب الباردة، كثرت وتشعبت منظمات حقوق الإنسان وبدأت نفسها الإخلال بمفهوم التحضر. أصبحت مؤسسات ضخمة تدفع الرواتب الكبيرة لمستخدميها، وراحت تختلق الأسباب لأداء واجباتها.
الآن، وفي ظل تشعب منظمات حقوق الإنسان وانقلابها على مبادئها الأساسية، وتزاحمها على قضايا لا تعنيها، ظهرت مشكلتان انقسم العالم حولهما، وبدأ النظر إليهما بعين تفتقر الموضوعية والإنصاف، هما الإرهاب الإسلامي، ثم برزت قضية الغجر الرومان، فقد أساءت منظمات حقوق الإنسان إلى مفهوم الدين ومفهوم المواطنة في بحثها عن قضايا جانبية تعطي الحق لنفسها في تولي الدفاع عنها، فأخفقت في ذلك، وأعطت مردوداً سلبياً انعكس على الأصول القانونية لتلك القضايا، ووجهت الرأي العام في أوربا وأمريكا ليغدو ضدها.
لعل انبعاث الأحزاب اليمينية، التي كانت مجرد أفكار تدور في أذهان الأفراد لا يجرؤن البوح بها منذ اندحار النازية والفاشية في الحرب الثانية هي واحدة من تلك السلبيات الخطيرة التي قادت إليها تصرفات منظمات حقوق الإنسان غير المسؤولة، والمستفزة لمشاعر أعداد كبيرة من الناس، تراكمت لديهم الانفعالات والمخاوف على حقوقهم ولفترة طويلة، ثم تبلورت في أصوات واحدة عبّر عنها اليمين، ثم اليمين المتشدد، كما هي الحال في هولندا، وبلجيكا، والسويد وبريطانيا، ودول أخرى سيظهر فيها الصوت الواحد الجديد، ليكتسح في طريقه التساهل والتسامح الذي اتسم به الغرب!
ربما تكون للغجر طبيعة متشردة، بكل ما يلحق بالتشرد من عادات قبيحة تمجها المجتمعات المتحضرة، حمل في النهاية الرئيس الفرنسي ساركوزي على اتخاذ قرار بإعادتهم إلى بلدانهم لأنهم يرفضون الانخراط في هيئات مدنية منضبطة، فتكون بذلك قضيتهم قابلة لنقاش يشترط فيه أن يكون متوازناً، إلا أن دفاع منظمات حقوق الإنسان عن سجناء الإرهاب الإسلامي، والمطالبة لهم بحقوق متساوية مع المواطنين في الغرب، رغم أنهم خارجين على القانون، ويهددون الناس بحياتهم، هو الأمر الذي جعل الغربيين يتساءلون في النهاية: كيف أرفع من يهدد حياتي بالخطر ويختبئ في بلدي، الذي استضافه، يتحين الفرص، إلى مستوى المظلومية؟
لقد طالبت المنظمات المذكورة بمعاملة سجناء كوانتانامو كسجناء رأي، ومحاكمتهم في دوائر قضاء مدنية، ثم راحت تعارض نقلهم إلى سجون في أوربا، وتدعو لهم بالحقوق التي تضمنها العدالة للسجناء المدنيين، وهي تعرف أن البعض ممن أطلق سراحه عاد إلى ساحات الإرهاب من جديد، وإنهم يمثلون خطراً حتى على الدول الإسلامية ويرفضون الرأي الآخر، ويهتفون من وراء القضبان، وهم يحملون القرآن، الله أكبر، الله أكبر!
ولم تكتف بهذا، بل وقفت مع الإرهابيين الذين قاموا، أو قبض عليهم يقومون بتفجيرات شنيعة في قطارات الأنفاق ببعض دول أوربا، وراحت تدقق في الإجراءات القانونية التي أحيل بموجبها ممن قبض عليهم متلبسون بالإرهاب، وطالبت لهم بمحاميين غير حكوميين باعتبار صوت هؤلاء المجرمين غير مسموع! بينما كانت الجماعات المؤيدة لهم تعلن فيما يشبه الصراخ في الإذاعات والصحف الأوربية
أنهم يردون بالتفجيرات على احتلال أفغانستان والعراق من قبل الغرب، وظل الأوربيين يسمعون هذا الهراء غير مصدقين، ولكنه أصبح يقترب من حياتهم، ويهدد الحرية الفردية التي اعتادوا عليها، لأن الحكومات بدأت تحاصر الناس بقوانين المراقبة (الفيديو) وتسمح لنفسها بالتدخل في شؤونهم الخاصة تحت ذريعة وجود الإرهاب!
أكثر من هذا، سمعنا عن منظمات منضوية تحت لافتة السلام في الشرق الأوسط، (كارنيجي)* على سبيل المثال لا الحصر، تتدخل باسم الديمقراطية للدفاع عن الجماعات الإسلامية، وهي المصدر الرئيسي للإرهاب، وتطالب بمساواتهم بالمواطنين العاديين في حق المعارضة وخوض الانتخابات البرلمانية، وتراهن، بعد تجربة حماس السيئة الصيت في غزة، على ديمقراطية الإخوان المسلمين في مصر، وبذلك تهدد استقرار بعض الدول الكبيرة!
هناك حقيقة تعرفها الأحزاب الاشتراكية في أوربا، وتعظ إصبعها ندماً، وهي أنها استمالت الإسلاميين وبنت لهم الجوامع والجمعيات بأموال دافعي الضرائب، وتجاهلت ردود أفعال المواطنين الأصليين وشكاواهم عن وجود أغراب يهددون بإشاعة تقاليدهم وعاداتهم المتخلفة في مجمعات منفتحة، ولم ينتبه الاشتراكيون إلا بعد فوات الأوان، وفقط حين تساقطت بعض قوائمهم في الانتخابات، وفي الواقع تمثل هذه النتائج التحولات المنتظرة الأولى، وهي مقدمة للأسوأ!!
إن غالبية المسلمين المقيمين في أوربا وأمريكا واستراليا لا ينتبهون إلى التطورات السابقة، فهي تمر عليهم وهم في غفلة من أمرهم، منشغلون بأمور الحجاب والنقاب والمساجد ليبقوا في قلب الأوطان الأصلية التي تركوها وجاءوا يبحثون عن العيش الكريم في دول الغرب، من دون أن يعطوا هذه الدول حقها في المواطنة، أكثر من ذلك جهلهم بالدوافع السياسية التي تقف وراء شعارات مثل حق المرأة في ارتداء النقاب والحجاب، وزيادة أعداد الجوامع لتساوي الكنائس في بلدان مسيحية يمثل مواطنوها الأغلبية، لكن ما إن تضجر تلك الدول من البالغة في البطر الإسلامي المتخلف، ويشددون الخناق عليهم حتى يبدأ الصراخ والعويل، ويومها لن يجدوا المدافعين التقليدين عنهم، لا الاشتراكيين ولا منظمات حقوق الإنسان، لأن الزمن سيتجاوزهما وبلا عودة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق