تلعب الهفوات الساذجة للسياسيين دوراً كبيراً في هزّ مقامهم، وينجح ذلك ليظهر في الانتخابات بعد تصور الناس أن الجميع نساها، بيدَ أن الخصوم يجمعون النقاط الصغيرة ليضيفوها إلى الكبيرة في اللحظات الحاسمة!
أما هفوات الأحزاب فتظل عالقة في الأذهان، وخاصة بالنسبة للخط الأيديولوجي للحزب حين يتعرض للإضافات المنهجية، فهو يجذب نحوه أعداداً كبيرة من المؤيدين، ويبعد عنه أعداداً أكبر من المعارضين. ومشكلة الحزب الإسلامي في تركيا أنه ذهب أبعد مما ينبغي في سذاجته السياسة، وخيالاته عن إحياء الخلافة الإسلامية، بعد أن أطاح ببقاياها كمال أتاتورك وأقام الدولة العلمانية، لتكون بديلاً عن التخلف الذي اتسمت به تلك الخلافة، حيث جرّت عليها الكراهية ثم الهزال والتفكك داخل الدول العربية قبل الغرب!
أراد أتاتورك غسل وجه تركيا من مساوئ الماضي ووحشيته، وقد نجح بالفعل، ووقف الشعب التركي إلى جانب حلمه الكبير، وبدأت دول أوربا تنسى احتلال العثمانيين لجزء كبير منها، إذ لم يقترن الجيش العثماني الكبير في عهد الإمبراطورية بموقف متحضر من قضايا العالم، كما حصل لفرنسا نابليون، وإنكلترا كروميل، وبقية دول أوربا الشمالية، بل اتسم بالوحشية ومارس النهب والتدمير، وتناست شعوب أوربا تشييد الجوامع على أنقاض الكنائس، وسرعان ما فتح الأوربيون عواصمهم ومدنهم للمواطن التركي، يدرس ويعمل فيها، بانتظار اليوم الذي تنضم فيه تركيا إلى المشاريع الكبيرة، مثل السوق الأوربية، ثم الاتحاد الأوربي.
وفي غمرة التحول الذي رحب به الأتراك ظهر حزب إسلامي تركي صغير، راح ينبش ويبحث عن النفوس الحالمة، التي ظلت منشدة إلى أوهام الخلافة المندثرة، وبدأ يعزف أمامها أبواق الماضي، الذي لم تعرف عنه إلا القليل، إلى أن كبر الحزب ونجح في الانتخابات ليتولى الحكم باسم "الإسلام العلماني" ومجرد صفة الإسلام تجرّ إلى التخلف والانعزال عن التحضر السائد في العالم. ثم بدأ فصل خطير يلوح فوق رؤوس الأتراك، وهو التنافس مع دولة إيران الإسلامية على خرافاتها اللاهوتية!
لا يبدو أن حزب العدالة والتنمية فهم كوارث الماضي، وحساسيتها بالنسبة للذاكرة الأوربية، ولا فهم الحاضر المعقد، بتحالفاته ومنافعه الآنية، وبدل ذلك اعتمد تياراً سلفياً- أصولياً كريها من قبل أغلب الناس في الشرق الأوسط ليداعب عقليته العائدة إلى الماضي البعيد جداً، من أجل مخاطبته لكسب وده في قضايا ما زالت خلافية، تفتقر إلى الوعي السياسي العميق لحسمها، مثل وجود إسرائيل في المنطقة، وهل تعتمد إقامة الدولة الإسرائيلية الثالثة على دلائل تاريخية تؤكد، أو تنفي، حق اليهود في دولة شريطية صغيرة!
لقد عرضت تركيا الإسلامية على دول الشرق الأوسط أصولية إضافية، وهو الغارق في مشاكله مع الأصوليات، لترفع شعار الخلافة الإسلامية، وزايدت على دول عربية خاضت حروباً وقدمت تضحيات في المشكلة الإسرائيلية، بمجرد إرسال قوارب صدام لفك الحصار عن غزة، وغزة مشكلة عجزت الدبلوماسية المصرية والأردنية والسعودية ومنظمة التحرير عن حلها بسبب تعصب حماس الأصولية، وتجاهلت تركيا تحالفاتها الغربية التي بلغت مرحلة متقدمة قبل حرب العراق 2003.
في قمة الـ20 الأخيرة، قال اوباما لأردوغان إن تركيا فشلت كحليف عندما صوتت في الأمم المتحدة ضد قرار تشديد الحصار على إيران، كما دعا أنقرة إلى تخفيف التوتر مع إسرائيل. كان ذلك بداية لتنبه الغرب إلى حليفه القديم، تركيا!
وقبل يومين فقط، هددت أمريكا بعدم تزويد تركيا بالأسلحة التي طلبتها مؤخراً، لأن بعضها سوف يستخدم ضد الأكراد!!
إذن، ماذا ستربح إسطنبول من أصوليتها المزورة، أو غير المزورة، في حال خسرت الغرب وكسبت صفوف الأصوليين العرب، الذين يتعلقون بأي خداع يقدم لهم!
وهل ستحافظ على نموها الذي بلغ 6.8إذا أدارت أوربا ظهرها لتركيا نتيجة تهديد مدنها بالجهاديين والأصوليين؟ وماذا لو قام جهادي تركي، ولحسابه الخاص، بأول عملية إرهابية في إحدى مدن أوربا أو أمريكا؟
لننتظر ما تأتي به الصدف، ونرَ!
أما هفوات الأحزاب فتظل عالقة في الأذهان، وخاصة بالنسبة للخط الأيديولوجي للحزب حين يتعرض للإضافات المنهجية، فهو يجذب نحوه أعداداً كبيرة من المؤيدين، ويبعد عنه أعداداً أكبر من المعارضين. ومشكلة الحزب الإسلامي في تركيا أنه ذهب أبعد مما ينبغي في سذاجته السياسة، وخيالاته عن إحياء الخلافة الإسلامية، بعد أن أطاح ببقاياها كمال أتاتورك وأقام الدولة العلمانية، لتكون بديلاً عن التخلف الذي اتسمت به تلك الخلافة، حيث جرّت عليها الكراهية ثم الهزال والتفكك داخل الدول العربية قبل الغرب!
أراد أتاتورك غسل وجه تركيا من مساوئ الماضي ووحشيته، وقد نجح بالفعل، ووقف الشعب التركي إلى جانب حلمه الكبير، وبدأت دول أوربا تنسى احتلال العثمانيين لجزء كبير منها، إذ لم يقترن الجيش العثماني الكبير في عهد الإمبراطورية بموقف متحضر من قضايا العالم، كما حصل لفرنسا نابليون، وإنكلترا كروميل، وبقية دول أوربا الشمالية، بل اتسم بالوحشية ومارس النهب والتدمير، وتناست شعوب أوربا تشييد الجوامع على أنقاض الكنائس، وسرعان ما فتح الأوربيون عواصمهم ومدنهم للمواطن التركي، يدرس ويعمل فيها، بانتظار اليوم الذي تنضم فيه تركيا إلى المشاريع الكبيرة، مثل السوق الأوربية، ثم الاتحاد الأوربي.
وفي غمرة التحول الذي رحب به الأتراك ظهر حزب إسلامي تركي صغير، راح ينبش ويبحث عن النفوس الحالمة، التي ظلت منشدة إلى أوهام الخلافة المندثرة، وبدأ يعزف أمامها أبواق الماضي، الذي لم تعرف عنه إلا القليل، إلى أن كبر الحزب ونجح في الانتخابات ليتولى الحكم باسم "الإسلام العلماني" ومجرد صفة الإسلام تجرّ إلى التخلف والانعزال عن التحضر السائد في العالم. ثم بدأ فصل خطير يلوح فوق رؤوس الأتراك، وهو التنافس مع دولة إيران الإسلامية على خرافاتها اللاهوتية!
لا يبدو أن حزب العدالة والتنمية فهم كوارث الماضي، وحساسيتها بالنسبة للذاكرة الأوربية، ولا فهم الحاضر المعقد، بتحالفاته ومنافعه الآنية، وبدل ذلك اعتمد تياراً سلفياً- أصولياً كريها من قبل أغلب الناس في الشرق الأوسط ليداعب عقليته العائدة إلى الماضي البعيد جداً، من أجل مخاطبته لكسب وده في قضايا ما زالت خلافية، تفتقر إلى الوعي السياسي العميق لحسمها، مثل وجود إسرائيل في المنطقة، وهل تعتمد إقامة الدولة الإسرائيلية الثالثة على دلائل تاريخية تؤكد، أو تنفي، حق اليهود في دولة شريطية صغيرة!
لقد عرضت تركيا الإسلامية على دول الشرق الأوسط أصولية إضافية، وهو الغارق في مشاكله مع الأصوليات، لترفع شعار الخلافة الإسلامية، وزايدت على دول عربية خاضت حروباً وقدمت تضحيات في المشكلة الإسرائيلية، بمجرد إرسال قوارب صدام لفك الحصار عن غزة، وغزة مشكلة عجزت الدبلوماسية المصرية والأردنية والسعودية ومنظمة التحرير عن حلها بسبب تعصب حماس الأصولية، وتجاهلت تركيا تحالفاتها الغربية التي بلغت مرحلة متقدمة قبل حرب العراق 2003.
في قمة الـ20 الأخيرة، قال اوباما لأردوغان إن تركيا فشلت كحليف عندما صوتت في الأمم المتحدة ضد قرار تشديد الحصار على إيران، كما دعا أنقرة إلى تخفيف التوتر مع إسرائيل. كان ذلك بداية لتنبه الغرب إلى حليفه القديم، تركيا!
وقبل يومين فقط، هددت أمريكا بعدم تزويد تركيا بالأسلحة التي طلبتها مؤخراً، لأن بعضها سوف يستخدم ضد الأكراد!!
إذن، ماذا ستربح إسطنبول من أصوليتها المزورة، أو غير المزورة، في حال خسرت الغرب وكسبت صفوف الأصوليين العرب، الذين يتعلقون بأي خداع يقدم لهم!
وهل ستحافظ على نموها الذي بلغ 6.8إذا أدارت أوربا ظهرها لتركيا نتيجة تهديد مدنها بالجهاديين والأصوليين؟ وماذا لو قام جهادي تركي، ولحسابه الخاص، بأول عملية إرهابية في إحدى مدن أوربا أو أمريكا؟
لننتظر ما تأتي به الصدف، ونرَ!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق