الأحد، 8 أغسطس 2010

سوريا طلبت التخلص من الحريري، وحزب الله نفذ، وبدأ الخلاف باغتيال مغنية!!


أمس الأول (6 أوغست) نشرت جريدة الشرق الأوسط تقريراً ذكياً عن تسلسل الأحداث في لبنان منذ اغتيال الرئيس الحريري، وتناولت خلاف حزب الله مع 14 آذار حول المحكمة الدولية، وانزعاج حسن نصر الله من الكلام عن صدور القرار الظني، ومسارعته إلى تحويل التهمة إلى إسرائيل، المشجب الكبير الذي تعلّق عليه التهم!
لكن ما نساه التقرير، الذي كتبه يوسف دياب، أو لم يتسع له الحيز، هو بداية الخلاف بين سوريا وحزب الله حول المحكمة لدى اغتيال مغنية في دمشق (2008). وقتها أقدم حسن نصر، أو كاد، على اتهام سوريا بتفجير سيارة مغنية لطمس الجريمة، لأن مغنية ذراع خفي ومهم في مجال الاغتيالات بالنسبة لحسن نصر الله. لكن رواية أخرى تدعي أن حسن نصر الله وراء الاغتيال، لأن مغنية كان يدعو الإيرانيين إلى إقالة حسن نصر الله من منصبه ليحل محله. ولا يعلم أحد من كان يقف وراء هذه الرواية!!
صحيح أن حسن نصر الله بدأ حياته بالمخابرات الإيرانية ثم ترقى ليتولى الأمانة العامة للحزب، إلا أن مغنية يساوي في أهميته حسن نصر الله بالنسبة للحرس الثوري، فهو الشخص الذي يتحرك في الظلام، ويقوم بإيصال السلاح والمال إلى مناطق النزاعات في دول الشرق الأوسط وأفريقيا، وإيران هي دولة مخابرات بالدرجة الأولى!
كانت زوجة مغنية أول من اتهم سوريا بالاغتيال إذ قالت: "إن السوريين سهلوا قتل زوجي" بعدها أغلق الملف، ولزم حسن نصر الله الصمت بعد نقاش حاد بين إيران ودمشق!!
في الخطاب قبل الأخير 22 يوليو 2010 استغرب حسن نصر الله استبعاد سوريا من اغتيال الحريري، وتحويل التهمة باتجاه حزب الله، وهدد الحكومة وجماعة 14 آذار في حال صدور القرار الظني بإشاعة فتنة كبرى، لكن المحكمة لم تستبعد أحداً، فسوريا وحزب الله كلاهما متهمان بالاغتيال، وحزب الله يريد استباق الأمور بتحذير سوريا من لا جدوى تركيز الأضواء على الحزب، فإذا وقعت في الحفرة سأجر معي الجميع إلى القعر!
بيدَ أن السؤال الآن عن كيفية إخفاء جريمة اغتيال الحريري بعد انكشاف دور حزب الله فيها؟!
لنعد إلى الأحداث التي سبقت 2005 بأشهر قليلة، ونربطها بالحاضر المشحون بالترقب والتهديدات والخوف، ونرَ إن كانت ستزيد معرفتنا بالفاعل والمنفذ!
-في أكتوبر 2004 استقال الحريري بأمل العودة إلى السلطة في الانتخابات الرئاسية في مايو 2005. وقد انضم إلى المعارضة للوجود السوري في لبنان.
- شنّ رئيس الحكومة آنذاك عمر كرامي هجوماً عنيفاً على المعارضة ودعوتها لخروج الجيش السوري، واتهمها بأنها تريد إدخال لبنان فيما وصفه بالزمن الإسرائيلي. وتركز هجوم كرامي على الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري.
- كانت سوريا ومن وراءها إيران تريد التمديد للرئيس اميل لحود، ووقفت معهما الأحزاب المؤيدة لها في لبنان، وقد عارض الحريري هذا التمديد لعدم قانونيته، ووقف بوجه فكرة تعديل الدستور لتمديد فترة رئاسة لحود ثلاث سنوات إضافية.
- استدعى بشار الأسد الحريري إلى دمشق، وفي نقاش حام لعب فيه الأسد دور الديك المتهور، قال للحريري إنه سيحرق لبنان فوق رؤوس المعارضين إذا لم يجر التمديد للحود.
- بعد أيام من هذه الزيارة، انفجرت شاحنة صغيرة محملة بالمتفجرات في موكب الرئيس الحريري وقتلته مع تسعة أشخاص على الفور، وجلب الانفجار استنكار العالم واستغرابه، وطالب الرئيس الفرنسي شيراك بإجراء تحقيق دولي في الجريمة، وفي نفس 24 آذار 2005 بدأت المحكمة نقل الاختصاص القضائي من السلطة الوطنية إلى جهات دولية عبر آليات الأمم المتحدة.
- نكبت جماعة 14 آذار بهذه الجريمة، وانزعجت الدول العربية مع دول العالم، وكان للرئيس الحريري أصدقاء كبار من بينهم جاك شيراك، وقفوا مذهولين وغير مصدقين لجرأة هذا العمل الإجرامي، وخرجت حشود شعبية تطالب بطرد الجيش السوري من لبنان، وقد خرج مطروداً بالفعل، وبدأ فصل من الاغتيالات للشخصيات الوطنية المعارضة، لكي تصبح جماعة 14 آذار التي فازت بأغلبية واضحة، بدون أكثرية في البرلمان وينتزع منها الحق في التصويت على القرارات المصيرية. لكن في نفس الوقت جدد للرئيس أميل لحود سنتين فوق ولايته المنتهية.
- في 24 آذار، قدم رئيس بعثة تقصي الحقائق في المحكمة الدولية بيتر فيتزجيرالد تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة قال فيه: "إن أجهزة الأمن اللبنانية والاستخبارات العسكرية السورية تتحمل المسؤولية الرئيسية في الإغتيال"
- يبدو أن طبيعة مرتكبي الجرائم العادية والسياسية من طبيعة واحدة، فهم يلجأون إلى التهديد بارتكاب العنف مرة أخرى إذا رفعت بوجوههم أصابع الاتهام!
بعد هذا الربط، من يستطيع إنكار الدور السوري والإيراني في الجريمة، ومن الجهة المؤهلة في لبنان للقيام بجريمة محبوكة الخيوط غير حزب الله؟!
لعل حزب الله يمثل أكبر مشكلة في لبنان والمنطقة العربية، وكما نعتناه سابقاً فهو بمثابة ورم سرطاني خبيث في الجسد اللبناني، الذي نزعت فيه جميع أسلحة الميليشيات السابقة وبقي وحده يحتفظ بالسلاح، تصله الصواريخ من إيران عبر سوريا، حتى غدا أكبر وأقوى من الجيش اللبناني الرسمي، بحيث أصبحت الدول العربية عاجزة عن التخلص منه خوفاً من اتهام سوريا لها بالتدخل في الشؤون اللبنانية، وإسرائيل فشلت في صيف 2006 في إنهاء بنيته التحتية وتشريد قياداته كما فعلت مع حركة التحرير الفلسطينية، لأنها اعتمدت على القوة الجوية وحدها في الحرب، ومن جهة ثانية فإن الحزب يحول أي دمار واسع في لبنان إلى نصر إلهي وتعيد إيران وسوريا تسليحه من جديد!
إذن، إذا لم توجه ضربة ساحقة للقوة الإيرانية، وتقطع جذور التمويل من أساسها، سيبقى حزب الله قوة إقليمية تهدد أمن لبنان وأمن المنطقة العربية كلما أرادت إيران أو سوريا ذلك!!

ليست هناك تعليقات: