باستثناء قلة صغيرة من الكتّاب العرب، تخلو الكتابة العربية من البعد الثالث، فتظهر التحليلات الصحيفة، إذا كانت تدعي الانتساب الى هذا النمط، مسطحة، خاوية، تعيد تكرار ما تقوله، كما لو أنها علقت في الرتابة المملة!
هذه معضلة الايديولوجيا، التي تقول شعارها بكلمات تتحايل أن تأتي مختلفة، فتكون موضع للتندر.
حدث هذا في برنامج "مثير للجدل" مساء الأحد، إذ جلس خمسة إعلاميين، وإعلامية واحدة، أمام متخرجين جدد من الإعلاميين، ليعلموا، أو هكذا توهموا، المشاهدين بذكاء فطنتهم!
السؤال الذي طرحته مقدمة البرنامج: لماذا عكف الغرب والشرق، الآن، على المنطقة بفضائياتهم العربية؟
بالطبع لم تأت تلك الفضائيات، وقد هرب عدد من مسؤولي الفضائيات عن الحضور، بجديد تضفيه الى الكم المتوفر من إعلام العرب المنهمك في الكذب على المشاهدين، سوى بالتنويع على الايديولوجيات والتزمت لشعاراتها. فضائيات الصين وإيران والجزيرة النسخة الإنكليزية والروس جاءت أجوبة المسؤوليين عنها مثار للتغامز والضحك من قبل الخريجين المدعوين للندوة، وحين سألتهم المذيعة لماذا يضعون الصحفيين داخل بلدانهم في السجون؟ تحايل الجميع لكي لا يجيبون على السؤال. فقهقه الخريجون أيضاً.
هجمة الفضائيات الأجنبية باللغة العربية جاءت، في الحقيقة، لتزيد سخرية المشاهدين الذين قرفوا من فضائياتهم، فماذا تعتزم فضائية "العالم" مثلاً أن تقدم لعدد قليل من مؤيديها، سوى مذيعة محجبة، تلقي بيانات تدعم سوريا وحزب الله وحكومة غزة المستقيلة، بينما تحجب كل شؤون العرب الأكثر إلحاحا، التي تعاني إيران ذاتها من وطأتها على المواطن المكمم، والغارق في اللاهوت؟ وماذا تقدم الجزيرة بالإنكليزية للمشاهدين غير عكس ما تقوله للعرب؟ وهكذا الحال مع الآخرين، كل يروج لايديولوجيته القبيحة!
لقد زودت المذيعة بجرعة من الحرية، جديدة، إثر زيارة مردوخ لابو ظبي، الذي اشترط على الإمارة، لكي تنافس دبي وقطر، الحرية في نقل الرأي، قبل أن يدشن مشروعه الإعلامي الضخم الذي يقيمه في الخليج!
المذيعة، فضيلة السويسي، كانت حتى قبل هذه الجرعة، تجرح وهي تبتسم، حين تعلق على ردود المتحاورين، فطاحل الإعلام الايديولوجي الهزليون، الذين جاءوا يبيعون للعرب بضاعتهم الأشد كساداً!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق