"وفي اليوم السادس تراجعت الغمامة البركانية عن سماء أوربا وعاد قسم من الرحلات الجوية إلى التحليق وخف الذعر في قلوب الناس وكانت الإذاعة الأيسلندية ذكرت أن صدعاً بطول ستمائة متر ظهر فوق فوهة البركان وقد زادت من كثافة الغمام وكان امتزاج بخار الماء الناتج عن ذوبان الجليد بالغبار والغازات البركانية الأخرى"
أو...
"وفي اليوم السادس تنفس الأوربيون الصعداء بعد أن انحسر الغبار البركاني عن بريطانيا وايرلندا وبلجيكا وفنلندا ودول أخرى عاشت لأيام في الهلع والخوف من استمرار كثافة الغمام الذي خيم على العواصم والمدن وخشي الناس أن تستمر الثورة لمدة أطول تحوّل صيفهم إلى شتاء قاسي البرودة"
هكذا يكتب المؤرخون عن حادثة بركان أيافيلايكول في أيسلندة لو جرى الأمر قبل ألفين سنة، وغابت الصحافة والتوثيق الحاليين. ثم يأتي الخيال ليراكم صوره عن حجم الدخان المتصاعد، وخوف البشر من ثورة الإله وغضبه، وهكذا، أيضاً، تتكون الأساطير، وتستقي منها الأديان قصصها عن العقاب الذي ينزله الربّ، مهما كان الربّ، سواء من حجر، أو رمز لاهوتي، وتضيف إليه المبالغة والمجاز لتظهر قوة إله كل دين!
وربما يكون فيزوف، أشهر بركان في التاريخ، قام بثورته المدمرة عام 79 ق.م، فطمر مدينة بومبي بالرماد والوحل وأهلكت غازاته السكان لتحول عدد منهم إلى تماثيل جامدة في أوضاع مختلفة، وظل حديث روما ونابولي لأكثر من مائة وثلاثين سنة، وعندما احتل الرومان الشرق نقلوا إلى أهله في سوريا ولبنان وفلسطين قصة هذا البركان بعد أن أضفوا إليها من لدنهم. ويقال إن اسم بركان يرجع إلى الإله "فولكان" إله النار والحدادة عند الرومان، حيث كانوا يعتقدون أن الجبل القائم في خليج نابولي ما هو إلا مدخنة لأتون كبير يوقده هذا الإله.
كان الإله جوبيتر يضرب بالصواعق، ونبتون يهيج الأمواج، ومارس يعربد بحروبه، لذلك وجد كتاب التوراة أمامهم كل أدوات العقاب والسخط الإلهين، يبديه تجاه البشر في حالات غضبه حين ينزعون إلى العصيان. ونقل محمد إلى القرآن هذه الصفات العنيفة، وأضاف إليها من المجاز العربي ليروع السامع من قوة الربّ.
لكن سدوم وعمورة جنوب البحر الميت، كانت الرمز الشاخص لصياغة صورة عن العقاب الإلهي، إذ تعرض سكانهما إلى زلزال أرضي في القرن 19 ق.م، أهلك عدد كبير من أهلها وفرّ الباقون عن المكان، فقالت التوراة: "وتطلع إلى سدوم وعمورة ونحو كل أرض الدائرة ونظر وإذا دخان الأرض يصعد كدخان الأتون"
وقيل أن الله أحرق المدينتين بالنار والكبريت لفساد أهلها وشذوذهم الأخلاقي. لقد عزت التوراة، وتبعها القرآن، العقاب الإلهي إلى إيقاع ابنتا لوط بأبيهما، فسقيتاه خمراً وضاجعتاه لعدم توفر الرجال لخطبتهما، وقد تكون القصة ملفقة، أو أن الناس في القرن التاسع عشر قبل الميلاد كانوا يلجأون إلى مضاجعة الأب لابنته قبل الزواج، ولا دخل للهزات الأرضية بالأمر، والمعروف أن المنطقة تكثر فيها الزلازل، إلا أن التوراة استقت من الحادثة رمزاً للعقاب الإلهي، في وقت لم يكن "يهوه" موضوعاً للعبادة من قبل اليهود، فأضافت الزيت والكبريت للترويع.
وجاء في القرآن: "يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت" والوصف الأخير للمبالغة اشتهر بها العرب.
لكن عدد من الناس ما زالوا حتى الآن يوردون أجزاء من الآيات يهددون بها المشككين أو الذين يبتعدون عن إطاعة الربّ!
هناك تعليق واحد:
اتمنى من الاخ الناشر ...حتى وان كان ملحدا بعض الاحترام عند ذكره محمد(صلى الله عليه وسلم) وقوله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم... ولكم جزيل الشكر
إرسال تعليق