يشبّه المحللون السياسة الأمريكية باخطبوط ضخم الحجم، تتحرك أطرافه كل باتجاه وحسب اجتهاد كل منها، ويكفل الرئيس في النهاية تنفيذ الاجتهادات مهما جاءت متناقضة، لأن واجبه حماية المجتهدين والدفاع عن رأيهم!
وقد شاهدنا كيف انتهى "تحرير" العراق إلى كارثة طائفية وسلم مصيره إلى إيران، ومن قبله أفغانستان، التي تورطت فيها أمريكا بقوات إنزال بدل توجيه ضربة جوية لتنتظر من بعد الانقسامات داخل حكومة طالبان، التي قد تطرد تنظيم القاعدة، أو تسلم زعيمه إلى أمريكا، وكذلك الحال في الانتخابات الفلسطينية التي أدت إلى سيطرة أول جماعة إسلامية متشددة على غزة، وما تلا ذلك من ظهور كيان فلسطيني شاذ، ثم تقسيم باكستان إلى قبائل مستقلة جغرافياً، تسيطر القاعدة على أقربها من الحدود!
وفي كل ذلك يُضخ المال الأمريكي بلا حساب، ويموت الأبرياء بالآلاف، وتفسد الحكومات والشعوب، ويفقد المركز سيطرته على الأقاليم البعيدة، لأن أطراف الاخطبوط داخل النظام الأمريكي اجتهدت وجربت رؤاها، ثم اختفت، وبقي الرئيس الأمريكي، وفي هذه الحالة باراك أوباما، يتقافز على سلالم الطائرة، هبوطاً أو صعوداً، سعيداً بلياقته البدنية وبما حققت بلده من تجريب، لا يخضع لمحاسبة، تجاه بلدان العالم الثالث!
وتمثل أطراف الاخطبوط تكتلات مالية أو سياسة متنفذه، يقوى أو يضعف نشاطها حسب الضغط المنهجي المسلط على رجال الكونغرس، من خلال العلاقات السياسية تارة والرشاوى الضخمة تارة أخرى، حتى يقتنع شيخ أو مجموعة من الشيوخ فيتبنون اجتهادهم، حينئذ يرضخ الرئيس إلى إرادتهم وتأخذ الفكرة حيز التنفيذ في السياسة العليا.
"كارنيغي" واحدة من الجهات التي أصبحت متنفذة، ولرأيها أصداء تنعكس على بعض المؤسسات الرسمية، وهي مدعومة في الأساس من الحكومة الأمريكية، تقدم اجتهادات تجريبية لا يسأل أحد عن مدى خبرتها في شؤون المنطقة (الشرق الأوسط) وتتبنى وجهات نظر خطيرة، وأحيانا مدمّرة على البلد الذي تستهدفه، ولأنها تعني بالديمقراطية فإن قياسها يعتمد الديمقراطية الغربية، تسعى إلى فرضه على دول شرق أوسطية تنقصها الأدوات الرئيسية لنقاء الديمقراطية الغربية، أو تفتقر إلى أطراف مخلصة للديمقراطية بحد ذاتها، كما هو الحال بالنسبة لحركة حماس التي وصلت ديمقراطياً، ثم انقلبت على الديمقراطية لتبقى في سلطة دينية متشددة، أو كما هو الحال في "ائتلاف دولة القانون" الشيعي في العراق الذي حاز على الأصوات في انتخابات ثم تنصل عن النتائج عندما تحولت ضده في انتخابات أخرى، وبين يدينا أمثلة على استغلال الديمقراطية من قبل أحزاب دينية، اعتبرت فوزها نهاية لحقبة ديمقراطية!
النتيجة، أن الديمقراطية كانت وسيلة لمجيء أحزاب دينية متشددة إلى السلطة، ثم حرمان الآخرين من التداول السلمي، وعدم السماح بمجرد النقد لأخطائها، وحدثت جميع هذه التجارب بضغط أمريكي أعمى، وغير متبصر، وما زالت آثارها تتفاعل في المنطقة، لأن أمريكا مستعدة لدفع الخسائر والتعويضات من أجل الاستمرار في تلك التجارب!
في العام 2010 بلغت الميزانية الأمريكية 3،4 ترليون دولار، وهو مبلغ هائل، لذلك يتمكن البيت الأبيض دفع الخسائر وتعويض المتضررين في هذه الحروب، والتغطية على ما تتطلبه الاجتهادات التجريبية من أموال، دون ما حاجة إلى أن يعرف نصف دافعي الضرائب أين تقع غزة على الخريطة، ولا يكترثون بمن يمثل ائتلاف دولة القانون، ولا في أي قارة تسكن قبائل البشتون، وأثناء ذلك تحصد أرواح الأبرياء بوفرة لا تشبع عين أمريكا!
منذ فترة تركز مؤسسة "كارنيغي" على دولتين شرق أوسطيتين، مصر والأردن، وكل منهما تواجه خطرا إسلامياً أيديولوجيا يهدد استقرارهما، ويتمثل في جماعة الأخوان المسلمين، التي تستغل الطلبة وعدداً كبيراً من الأميين في الأحياء الفقيرة، ممن تشتري أصواتهم بمساعدات اجتماعية بسيطة مثل التمريض المجاني وفتات من العون المالي، وتحشو رؤوسهم بأمل لا يتناسب مع العصر ويتنافى مع التطور الحضاري، وهو إقامة دولة إسلامية تفرض سيطرتها وديانتها على العالم!
هناك حقيقتان لا يدركهما حتى المطلعين في "كارنيغي" على الشؤون المصرية، ويتجاهل أثرهما المصريون العاملون في "كارنيغي" بناءاً على تعهدات خرافية من قبل أفراد الجماعة بالتزام الديمقراطية في حال استلامهم السلطة، الحقيقة الأولى:
أن المذهبين السني والشيعي يبيح لهما الكذب والادعاء لإخفاء نواياهما، تحت مسمى (التقية) وهو مبدأ يستخدم للنفاق ويقتصر على الدين الإسلامي دون غيره من الأديان الأخرى. والثانية:
إن الاخوان يلجأون إلى استفزاز السلطة بمظاهرات غير دستورية، وحين ترد عليهم يصورون المسألة كأنها اضطهاد يقصدهم وحدهم وترتفع أصواتهم بالعويل، ويكفي "كارنيغي" عاراً أنها تدافع عن الاخوان الذين يعتبرون المسيحيين مواطنين من الدرجة الثانية "أهل ذمّة" فيعتدون عليهم ويحرقون ممتلكاتهم بشكل مستمر. فهل يمثل الاخوان جهة، أو حزب، يؤمن بالديمقراطية التي تسفح "كارنيغي" دموع التماسيح على ضياعها في مصر؟
رغم ذلك تقف "كارنيغي" بكل ثقلها إلى جانب هذه الجماعة في الانتخابات، ويقول المتحدث باسم الخارجية الامريكية فيليب كراولي الاثنين15 وفمبر، وهو يستجيب لدعاوى (كارنيغي): "إن الولايات المتحدة حريصة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة في مصر"
ترد مصر على هذا الكلام بالقول:
"إن المواقف الأخيرة للإدارة الأمريكية تجاه الشؤون الداخلية المصرية مرفوضة بشكل قاطع من قبل مصر" وهي تغمز من جانب مسألة أخرى، إذ يتضح من هذا الخصام العلني أن أحد أطراف الاخطبوط ، وهي "كارنيغي"، نجحت في حمل الرئيس باراك أوباما على تشكليل مجموعة عمل لمراقبة الانتخابات في مصر، جميعهم من المؤسسة ذاتها، إثر لقائه بهم في البيت الأبيض، فهل تلح الإدارة الأمريكية بعد خسارتها الفادحة أمام الجمهوريين في الانتخابات الأخيرة على تكريس الفوضى في مصر؟
لا شك أن الإدارة الأمريكية تحتاج خصم عنيد تقاتله لفترة طويلة، حتى لو كان من طراز القاعدة، وبما أن الجذور التي تمد القاعدة بالمتطوعين هي جماعات الإخوان المسلمين، فلا شك أن امريكا تأمل وتبذل الجهود لمساعدة الاخوان في السيطرة على جميع بلدان الشرق الأوسط، وهذه ما ندعوها بالفوضى الأمريكية، وتخشاها شعوب المنطقة التي تحتاج إلى الاستقرار، وتتطلع لبناء بلدانها!
وقد شاهدنا كيف انتهى "تحرير" العراق إلى كارثة طائفية وسلم مصيره إلى إيران، ومن قبله أفغانستان، التي تورطت فيها أمريكا بقوات إنزال بدل توجيه ضربة جوية لتنتظر من بعد الانقسامات داخل حكومة طالبان، التي قد تطرد تنظيم القاعدة، أو تسلم زعيمه إلى أمريكا، وكذلك الحال في الانتخابات الفلسطينية التي أدت إلى سيطرة أول جماعة إسلامية متشددة على غزة، وما تلا ذلك من ظهور كيان فلسطيني شاذ، ثم تقسيم باكستان إلى قبائل مستقلة جغرافياً، تسيطر القاعدة على أقربها من الحدود!
وفي كل ذلك يُضخ المال الأمريكي بلا حساب، ويموت الأبرياء بالآلاف، وتفسد الحكومات والشعوب، ويفقد المركز سيطرته على الأقاليم البعيدة، لأن أطراف الاخطبوط داخل النظام الأمريكي اجتهدت وجربت رؤاها، ثم اختفت، وبقي الرئيس الأمريكي، وفي هذه الحالة باراك أوباما، يتقافز على سلالم الطائرة، هبوطاً أو صعوداً، سعيداً بلياقته البدنية وبما حققت بلده من تجريب، لا يخضع لمحاسبة، تجاه بلدان العالم الثالث!
وتمثل أطراف الاخطبوط تكتلات مالية أو سياسة متنفذه، يقوى أو يضعف نشاطها حسب الضغط المنهجي المسلط على رجال الكونغرس، من خلال العلاقات السياسية تارة والرشاوى الضخمة تارة أخرى، حتى يقتنع شيخ أو مجموعة من الشيوخ فيتبنون اجتهادهم، حينئذ يرضخ الرئيس إلى إرادتهم وتأخذ الفكرة حيز التنفيذ في السياسة العليا.
"كارنيغي" واحدة من الجهات التي أصبحت متنفذة، ولرأيها أصداء تنعكس على بعض المؤسسات الرسمية، وهي مدعومة في الأساس من الحكومة الأمريكية، تقدم اجتهادات تجريبية لا يسأل أحد عن مدى خبرتها في شؤون المنطقة (الشرق الأوسط) وتتبنى وجهات نظر خطيرة، وأحيانا مدمّرة على البلد الذي تستهدفه، ولأنها تعني بالديمقراطية فإن قياسها يعتمد الديمقراطية الغربية، تسعى إلى فرضه على دول شرق أوسطية تنقصها الأدوات الرئيسية لنقاء الديمقراطية الغربية، أو تفتقر إلى أطراف مخلصة للديمقراطية بحد ذاتها، كما هو الحال بالنسبة لحركة حماس التي وصلت ديمقراطياً، ثم انقلبت على الديمقراطية لتبقى في سلطة دينية متشددة، أو كما هو الحال في "ائتلاف دولة القانون" الشيعي في العراق الذي حاز على الأصوات في انتخابات ثم تنصل عن النتائج عندما تحولت ضده في انتخابات أخرى، وبين يدينا أمثلة على استغلال الديمقراطية من قبل أحزاب دينية، اعتبرت فوزها نهاية لحقبة ديمقراطية!
النتيجة، أن الديمقراطية كانت وسيلة لمجيء أحزاب دينية متشددة إلى السلطة، ثم حرمان الآخرين من التداول السلمي، وعدم السماح بمجرد النقد لأخطائها، وحدثت جميع هذه التجارب بضغط أمريكي أعمى، وغير متبصر، وما زالت آثارها تتفاعل في المنطقة، لأن أمريكا مستعدة لدفع الخسائر والتعويضات من أجل الاستمرار في تلك التجارب!
في العام 2010 بلغت الميزانية الأمريكية 3،4 ترليون دولار، وهو مبلغ هائل، لذلك يتمكن البيت الأبيض دفع الخسائر وتعويض المتضررين في هذه الحروب، والتغطية على ما تتطلبه الاجتهادات التجريبية من أموال، دون ما حاجة إلى أن يعرف نصف دافعي الضرائب أين تقع غزة على الخريطة، ولا يكترثون بمن يمثل ائتلاف دولة القانون، ولا في أي قارة تسكن قبائل البشتون، وأثناء ذلك تحصد أرواح الأبرياء بوفرة لا تشبع عين أمريكا!
منذ فترة تركز مؤسسة "كارنيغي" على دولتين شرق أوسطيتين، مصر والأردن، وكل منهما تواجه خطرا إسلامياً أيديولوجيا يهدد استقرارهما، ويتمثل في جماعة الأخوان المسلمين، التي تستغل الطلبة وعدداً كبيراً من الأميين في الأحياء الفقيرة، ممن تشتري أصواتهم بمساعدات اجتماعية بسيطة مثل التمريض المجاني وفتات من العون المالي، وتحشو رؤوسهم بأمل لا يتناسب مع العصر ويتنافى مع التطور الحضاري، وهو إقامة دولة إسلامية تفرض سيطرتها وديانتها على العالم!
هناك حقيقتان لا يدركهما حتى المطلعين في "كارنيغي" على الشؤون المصرية، ويتجاهل أثرهما المصريون العاملون في "كارنيغي" بناءاً على تعهدات خرافية من قبل أفراد الجماعة بالتزام الديمقراطية في حال استلامهم السلطة، الحقيقة الأولى:
أن المذهبين السني والشيعي يبيح لهما الكذب والادعاء لإخفاء نواياهما، تحت مسمى (التقية) وهو مبدأ يستخدم للنفاق ويقتصر على الدين الإسلامي دون غيره من الأديان الأخرى. والثانية:
إن الاخوان يلجأون إلى استفزاز السلطة بمظاهرات غير دستورية، وحين ترد عليهم يصورون المسألة كأنها اضطهاد يقصدهم وحدهم وترتفع أصواتهم بالعويل، ويكفي "كارنيغي" عاراً أنها تدافع عن الاخوان الذين يعتبرون المسيحيين مواطنين من الدرجة الثانية "أهل ذمّة" فيعتدون عليهم ويحرقون ممتلكاتهم بشكل مستمر. فهل يمثل الاخوان جهة، أو حزب، يؤمن بالديمقراطية التي تسفح "كارنيغي" دموع التماسيح على ضياعها في مصر؟
رغم ذلك تقف "كارنيغي" بكل ثقلها إلى جانب هذه الجماعة في الانتخابات، ويقول المتحدث باسم الخارجية الامريكية فيليب كراولي الاثنين15 وفمبر، وهو يستجيب لدعاوى (كارنيغي): "إن الولايات المتحدة حريصة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة في مصر"
ترد مصر على هذا الكلام بالقول:
"إن المواقف الأخيرة للإدارة الأمريكية تجاه الشؤون الداخلية المصرية مرفوضة بشكل قاطع من قبل مصر" وهي تغمز من جانب مسألة أخرى، إذ يتضح من هذا الخصام العلني أن أحد أطراف الاخطبوط ، وهي "كارنيغي"، نجحت في حمل الرئيس باراك أوباما على تشكليل مجموعة عمل لمراقبة الانتخابات في مصر، جميعهم من المؤسسة ذاتها، إثر لقائه بهم في البيت الأبيض، فهل تلح الإدارة الأمريكية بعد خسارتها الفادحة أمام الجمهوريين في الانتخابات الأخيرة على تكريس الفوضى في مصر؟
لا شك أن الإدارة الأمريكية تحتاج خصم عنيد تقاتله لفترة طويلة، حتى لو كان من طراز القاعدة، وبما أن الجذور التي تمد القاعدة بالمتطوعين هي جماعات الإخوان المسلمين، فلا شك أن امريكا تأمل وتبذل الجهود لمساعدة الاخوان في السيطرة على جميع بلدان الشرق الأوسط، وهذه ما ندعوها بالفوضى الأمريكية، وتخشاها شعوب المنطقة التي تحتاج إلى الاستقرار، وتتطلع لبناء بلدانها!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق