تثار من جديد، وهذه المرة بقوة، فضيحة حكومة العمال البريطانية الخاصة بإطلاق سراح عبد الباسط المقرحي قبل انتهاء حكمه، وبذريعة إصابته بالسرطان، حيث ادعت السلطات الاسكتلندية أن المرض لن يمهله أكثر من شهرين.
بلوغ "البعد الثالث" أشار في حينه (1مايو 2010) إلى ملابسات القضية، ونبه إلى أن السجين- الحر ما زال يتمتع بالحياة وبالامتيازات المغدقة عليه!
الجانب الإنساني حاضر وبقوة أيضاً في القضية، فالسجين- الحر معطوب بعلته المزمنة، لكن الضحايا قضوا في الحادث ولن تستعاد حياتهم ولا حريتهم. إن أشلاء 270 من القتلى مدفونة منذ عام 1989، والذي تبقى الآن على قيد الحياة المقراحي من جهة، والفضيحة التي ظلت ترفس ولا تريد الموت!
رئيس الوزراء الأسبق توني بلير يقف على رأس الفضيحة، وهو مثير ملابسات عديدة، تساعده زوجته شيري الباليستر (محامي مدعي العام) ترتب له التلاعب المدروس بالقوانين. لقد بعث بلير بأول رسالة إلى العقيد القذافي، كتبت نصها شركة شل، يهنئه بعيد الثورة ويقترح عليه إبرام صفقة التنقيب عن البترول على سواحل البحر الأبيض مقابل إطلاق سراح المقراحي! ولم ينتبه أحد إلى دور آخر ساهمت فيه شركة النفط البريطانية (BP) أيضاً!
قد يتساءل البعض عن سبب تقاتل رؤساء الأحزاب في الحكومات الديمقراطية على الفوز بالحكومة؟
إن ارتفاع أو انخفاض معدل النمو ونسبة البطالة هما الدليل على نجاح حكومة ما، أما ما يسمى بمصالح الشعب فتترك لحكومات الدول المتخلفة تلهو بها!
كان بلير يبحث منذ الأيام الأولى لتوليه منصب رئيس الوزراء عن مناصب استشارية. هنا يكمن السر الحقيقي في نيل منصب رئيس الوزراء!
تصف الجرائد البريطانية بلير بالجشع، والكذب، والتحايل، وتزييف الحقائق، وإفساد من حوله بالرشا، بيد أنه أيضاً عمل على تحسين الاقتصاد، وساهم في حل مشكلة الكوسوفو، ومشلكة ايرلندا الشمالية، ثم بدأت الانهيارات الكبيرة في سمعته بعد الحرب على العراق.
وتذكر نفس الجرائد أن ثروته بلغت الثلاثين مليون دولار أثناء توليه المنصب وبعده، ولم يكن حسابه البنكي يتضمن إلا على بضعة آلاف من الجنيهات قبل ذلك!
ما يهمنا الآن أن توني بلير الذي تهاوت سمعته، هو ممثل اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، التي تضم كل من الاتحاد الأوربي والاتحاد الروسي والولايات المتحدة والأمم المتحدة، عينه بوش في هذا المنصب في اليوم الثاني لخروجه من الحكومة، وبراتب تقدره الصحف بمليون دولار في السنة، فإذا تركنا المليون جانباً، لماذا ظل بلير في هذا المنصب بعد الفضائح التي علقت باسمه؟ وهل مشكلة الشرق الأوسط تسير بصورة جيدة نحو الحل في عهد بلير، لكي بيقى رجل تصفه جرائد بلده بالمحتال؟
عين الرئيس بوش حليفه في حرب العراق كممثل للجنة الشرق الأوسط، والوظيفة تتضمن التنسيق مع الحكومة الفلسطينية من أجل إعادة تأهيل الاقتصاد وتأمين القدرة للسلطة على تحقيق الأمن بقواتها في المدن الفلسطينية، أي أنها تتعلق بمشتريات وصفقات في الدرجة الأولى، فهل خلت بريطانيا وأوربا من شخصية نزيهة، وذات تاريخ لا تلطخها الشبهات حتى يختار توني بلير لهذه المهمة؟!
الثلاثاء، 20 يوليو 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق