الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

2016 يبدأ الاستغناء عن البترول العربي الممول للإرهاب




ينشغل الإسرائيليون منذ عام 2007 في بناء محطات لشحن وتبديل البطاريات لسيارة إلكترونية جديدة تسير بالكهرباء بدل البترول، أطلقوا عليها فليونس “Fluence” من اختراع شاي اجاسي (42 سنة) لتكون جاهزة للخدمة في أنحاء البلد، ولن تستغرق عملية الشحن الكهربائي أكثر من 59 ثانية.
شاي اجاسي من مواليد تل ابيب عمل في مجال الكومبيوتر في الولايات المتحدة، ثم عاد إلى وطنه ليؤسس شركة سميت "المكان الأفضل – Better Place" تعاقدت مع شركة رينو الفرنسية لصناعة الهيكل للسيارة المذكورة والتي ستزود كلاً من إسرائيل والدانمارك في العام 2016 بحوالي مائة ألف سيارة، ثم تقوم بتجهيز السوق الغربية، بعد بناء محطات الشحن الكهربائي فيها.
يقول شاي اجاسي لمجلة الفايننشال تايمز الأسبوعية التي كتبت تحقيقاً مطولاً عن هذا الإنجاز الذي يخدم البيئة، إن الفكرة مدعومة من قبل الرئيس شمعون بيريز، الذي قال في عدد سابق من نفس المجلة، إننا ندعم هذه المشاريع لخدمة البيئة، وللتخلص من الاعتماد على البترول العربي الذي يمول الإرهاب.
وكانت الحكومات الغربية خصصت المليارات من الدولارات لدعم المواطنين الراغبين بشراء سيارات صديقة للبيئة، فبريطانيا تمنح 5000 جنيه لكل من يرغب في شراء سيارة من هذا النوع، وأمريكا تمنح 7500 دولار، وتدفع الدول الغربية الأخرى مبالغ مشابهة.
بنك HSBC استثمر في المشروع فاصبح يملك 10% من شركة "المكان الأفضل" التي ستكون إسرائيل والدانمارك أول مستخدم لسياراتها "فليونس" في العام 2016، ويقدم الناس بأعداد كبيرة في اقتناء هذا النوع من السيارات التي تسير بسرعة 135 كيلومتر في الساعة، ولن يسمع إلا صوت بسيط ينبعث منها، فهي ضد كل أنواع التلوث، الكاربون والضجيج.
هذا الاختراع الرائع يُضم إلى الاختراعات الأخرى في مجال السيارات التي لا تضر بالبيئة، وكان مخترع أمريكي (شارلس كرينوود) قد نجح في تصميم سيارة تعتمد على طاقة البشر الأربعة الموجودين في داخلها، وتلقى 800 طلب سلفاً لشراء السيارة التي ستدخل السوق 2011.
في ذات الوقت، ونتيجة لعقم خيالهم، وبدل أن يخدموا العالم باختراعات بيئية، ينشغل العرب بتصدير الإرهاب للعالم، خاصة الدول الحديثة الاستقلال، فقبل أمس الأول اشتكى وزير الأمن البوسني صادق أحمدوفيتش لوكالة الصحافة الفرنسية من تفشي التيار السلفي الجهادي في البوسنة والهرسك، حيث تتمركز جماعات سلفية هناك منذ حرب 1992-1995، حين اشترك العرب في تلك الحرب وجلبوا معهم قراءة أصولية للإسلام وأصبح لهم أتباع في البلد، وقال الأستاذ أحمد عليباسيتش من كلية العلوم، بأن في البوسنة اليوم عشرون مجموعة من المسلمين السلفيين، وهم يجتمعون في مساجد ومنازل وأماكن العبادة!
التعليق على الصور: الأولى،Pictures and information from FT weekend magazine
الثانية، شاي اجاسي الثاني من اليمين مع أعضاء شركته.

الأربعاء، 22 سبتمبر 2010

ساركوزي الذي خذلته أوربا، وقف ضد الميوعة

توجد قوانين تحكم المجتمعات، تجعلها تميل إلى الدفاع عن نفسها لتحمي ما توصلت إليه من تطور بطئ، وتتنافس مع مثيلاتها للترقي به إلى مستوى واحد من التحضر، ويحدث هذا من دون وعي ولا مقصودية إلا لدى النخب التي تدرس الظاهرة، التي تخرج بالتوصيات الداعمة للمؤشرات!
كان التحضر واحداً من السمات العامة لدول أوربا، وبدت الستون سنة الأخيرة تدفع بهذا الاتجاه حثيثاً، بينما ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تدعم التطور الأوربي بصفتها الراعية له، لاستخدامه في حربها الباردة مع الروس (الاتحاد السوفييتي آنذاك) فظهرت منظمات حقوق الإنسان، كجزء من تلك الحرب، وجزء من المجتمع المدني، لحماية ذلك التطور وعدم الإخلال بمقوماته، وكان التطوع أساس العمل فيها.
بعد انتهاء الحرب الباردة، كثرت وتشعبت منظمات حقوق الإنسان وبدأت نفسها الإخلال بمفهوم التحضر. أصبحت مؤسسات ضخمة تدفع الرواتب الكبيرة لمستخدميها، وراحت تختلق الأسباب لأداء واجباتها.
الآن، وفي ظل تشعب منظمات حقوق الإنسان وانقلابها على مبادئها الأساسية، وتزاحمها على قضايا لا تعنيها، ظهرت مشكلتان انقسم العالم حولهما، وبدأ النظر إليهما بعين تفتقر الموضوعية والإنصاف، هما الإرهاب الإسلامي، ثم برزت قضية الغجر الرومان، فقد أساءت منظمات حقوق الإنسان إلى مفهوم الدين ومفهوم المواطنة في بحثها عن قضايا جانبية تعطي الحق لنفسها في تولي الدفاع عنها، فأخفقت في ذلك، وأعطت مردوداً سلبياً انعكس على الأصول القانونية لتلك القضايا، ووجهت الرأي العام في أوربا وأمريكا ليغدو ضدها.
لعل انبعاث الأحزاب اليمينية، التي كانت مجرد أفكار تدور في أذهان الأفراد لا يجرؤن البوح بها منذ اندحار النازية والفاشية في الحرب الثانية هي واحدة من تلك السلبيات الخطيرة التي قادت إليها تصرفات منظمات حقوق الإنسان غير المسؤولة، والمستفزة لمشاعر أعداد كبيرة من الناس، تراكمت لديهم الانفعالات والمخاوف على حقوقهم ولفترة طويلة، ثم تبلورت في أصوات واحدة عبّر عنها اليمين، ثم اليمين المتشدد، كما هي الحال في هولندا، وبلجيكا، والسويد وبريطانيا، ودول أخرى سيظهر فيها الصوت الواحد الجديد، ليكتسح في طريقه التساهل والتسامح الذي اتسم به الغرب!
ربما تكون للغجر طبيعة متشردة، بكل ما يلحق بالتشرد من عادات قبيحة تمجها المجتمعات المتحضرة، حمل في النهاية الرئيس الفرنسي ساركوزي على اتخاذ قرار بإعادتهم إلى بلدانهم لأنهم يرفضون الانخراط في هيئات مدنية منضبطة، فتكون بذلك قضيتهم قابلة لنقاش يشترط فيه أن يكون متوازناً، إلا أن دفاع منظمات حقوق الإنسان عن سجناء الإرهاب الإسلامي، والمطالبة لهم بحقوق متساوية مع المواطنين في الغرب، رغم أنهم خارجين على القانون، ويهددون الناس بحياتهم، هو الأمر الذي جعل الغربيين يتساءلون في النهاية: كيف أرفع من يهدد حياتي بالخطر ويختبئ في بلدي، الذي استضافه، يتحين الفرص، إلى مستوى المظلومية؟
لقد طالبت المنظمات المذكورة بمعاملة سجناء كوانتانامو كسجناء رأي، ومحاكمتهم في دوائر قضاء مدنية، ثم راحت تعارض نقلهم إلى سجون في أوربا، وتدعو لهم بالحقوق التي تضمنها العدالة للسجناء المدنيين، وهي تعرف أن البعض ممن أطلق سراحه عاد إلى ساحات الإرهاب من جديد، وإنهم يمثلون خطراً حتى على الدول الإسلامية ويرفضون الرأي الآخر، ويهتفون من وراء القضبان، وهم يحملون القرآن، الله أكبر، الله أكبر!
ولم تكتف بهذا، بل وقفت مع الإرهابيين الذين قاموا، أو قبض عليهم يقومون بتفجيرات شنيعة في قطارات الأنفاق ببعض دول أوربا، وراحت تدقق في الإجراءات القانونية التي أحيل بموجبها ممن قبض عليهم متلبسون بالإرهاب، وطالبت لهم بمحاميين غير حكوميين باعتبار صوت هؤلاء المجرمين غير مسموع! بينما كانت الجماعات المؤيدة لهم تعلن فيما يشبه الصراخ في الإذاعات والصحف الأوربية
أنهم يردون بالتفجيرات على احتلال أفغانستان والعراق من قبل الغرب، وظل الأوربيين يسمعون هذا الهراء غير مصدقين، ولكنه أصبح يقترب من حياتهم، ويهدد الحرية الفردية التي اعتادوا عليها، لأن الحكومات بدأت تحاصر الناس بقوانين المراقبة (الفيديو) وتسمح لنفسها بالتدخل في شؤونهم الخاصة تحت ذريعة وجود الإرهاب!
أكثر من هذا، سمعنا عن منظمات منضوية تحت لافتة السلام في الشرق الأوسط، (كارنيجي)* على سبيل المثال لا الحصر، تتدخل باسم الديمقراطية للدفاع عن الجماعات الإسلامية، وهي المصدر الرئيسي للإرهاب، وتطالب بمساواتهم بالمواطنين العاديين في حق المعارضة وخوض الانتخابات البرلمانية، وتراهن، بعد تجربة حماس السيئة الصيت في غزة، على ديمقراطية الإخوان المسلمين في مصر، وبذلك تهدد استقرار بعض الدول الكبيرة!
هناك حقيقة تعرفها الأحزاب الاشتراكية في أوربا، وتعظ إصبعها ندماً، وهي أنها استمالت الإسلاميين وبنت لهم الجوامع والجمعيات بأموال دافعي الضرائب، وتجاهلت ردود أفعال المواطنين الأصليين وشكاواهم عن وجود أغراب يهددون بإشاعة تقاليدهم وعاداتهم المتخلفة في مجمعات منفتحة، ولم ينتبه الاشتراكيون إلا بعد فوات الأوان، وفقط حين تساقطت بعض قوائمهم في الانتخابات، وفي الواقع تمثل هذه النتائج التحولات المنتظرة الأولى، وهي مقدمة للأسوأ!!
إن غالبية المسلمين المقيمين في أوربا وأمريكا واستراليا لا ينتبهون إلى التطورات السابقة، فهي تمر عليهم وهم في غفلة من أمرهم، منشغلون بأمور الحجاب والنقاب والمساجد ليبقوا في قلب الأوطان الأصلية التي تركوها وجاءوا يبحثون عن العيش الكريم في دول الغرب، من دون أن يعطوا هذه الدول حقها في المواطنة، أكثر من ذلك جهلهم بالدوافع السياسية التي تقف وراء شعارات مثل حق المرأة في ارتداء النقاب والحجاب، وزيادة أعداد الجوامع لتساوي الكنائس في بلدان مسيحية يمثل مواطنوها الأغلبية، لكن ما إن تضجر تلك الدول من البالغة في البطر الإسلامي المتخلف، ويشددون الخناق عليهم حتى يبدأ الصراخ والعويل، ويومها لن يجدوا المدافعين التقليدين عنهم، لا الاشتراكيين ولا منظمات حقوق الإنسان، لأن الزمن سيتجاوزهما وبلا عودة!

السبت، 18 سبتمبر 2010

محمد سعيد ناود، الصامت الذي حفزني على كتابة الرواية

محمد سعيد ناود شخصية إرترية فذة، تعرفت عليه في في بيروت حين كنت أعمل في تصميم الكتب والمجلات بمطبعة الخليل.
شاب وجودي متمرد، وثائر في حركة تحرير، جمعت بينهما سنوات الحرية في لبنان 1973، والغربة عن الوطن، وهدف مضمر، إقامة العدالة! ولم تنقطع الصداقة بيننا يوماً رغم أن الزمن عاد ليبعد المسافات بينهما، إذ بقينا نتواصل بالرسائل، وكان آخر اتصال هاتفي بيننا أواسط هذا العام، هو في بلده المغمور إرتريا حيث ينصرف للكتابة، وأنا في موطني الجديد والقلق، أنكلترا، فاكتشفنا، بعد ذاك الشوط الزمني الطويل، أن العدالة في دول العالم الثالث مجرد هراء، وأن التمرد والثورات التي قامت في أواسط القرن العشرين انتهت، جميعها، بيد اللصوص!
محمد سعيد ناود هادئ، رزين، دمث، وقنوع، لم أر مثيلاً له في الزهد، وفر له القهوة "الجَبنة" والسجائر وسيعتكف للكتابة.
عملت معه حين كان مسؤولاً للإعلام في جبهة التحرير الإرترية (قوات التحرير الشعبية) فكان أحياناً يتسلل إلى الداخل الإرتري، وعندما يعود يجمعنا الحديث الطويل عن إريتريا لساعات طوال، لأنه يلتقط بعين الكاتب الشاردة والواردة في حياة المجتمع الذي يعشقه، سكان المدن والقرى والرحل، ثم يخرج بمؤلف صغير أو كبير، يتناول عادات أو تاريخ أو جغرافية البلد، حتى أنه أسس بمؤلفاته العديدة، إلى جانب الشهيد عثمان صالح سبي، الرف الأول في المكتبة الإرترية.
ورغم أنني كنت أجمع بين الجد والهزل في تلك المرحلة من حياتي للتعويض عن فترة معتمة في تاريخ العراق، غير أن محمد سعيد ناود قدم إلى بيروت يحمل على عاتقيه تأسيس أول حركة وطنية لتحرير إرتريا بمنهج تنظيمي ورؤية واضحة، لذلك ظل الجد والمثابرة يلازمانه حتى آخر يوم من حياته.
لم تكن من عادات ناود البوح عمّا يكتب. كان يفاجئنا بمؤلف جديد فنذهب به إلى المطبعة. كان يغيب مدة طويلة داخل البيت ليخرج علينا بانتاجه.
في إحدى المرات سلمني نص طويل، قال إنها رواية، أضاف: قبل إرسالها للطبع أود أن تقرأ النص لأنها المرة الأولى التي أخوض في هذا المجال.
كان "صالح، أو رحلة الشتاء" أول عمل أدبي إرتري، وهو سيرة ذاتية ابتعدت كثيراً عن صاحبها، تسرد قصة عائلة تنتقل بين شمال إرتريا والسودان لجناية القطن أو حصاد الحبوب، ثم تعود إلى وطنها محملة بالذكريات الدرامية التي ينقلها إلى القارئ الصبي "صالح".
فرحت بالرواية كون ناود يطرق هذا الباب، وتواتيه الجرأة على الذهاب إلى الأدب للمرة الأولى. ثانيا، كون إرتريا لم تشهد من قبل الرواية بمفهومها القائم على الأحداث المصنفة والمتسلسلة ضمن سرد جزل، يتخلله ذكر العادات والتقاليد الشعبية. ثالثاً، حفزني العمل على التخطيط للرواية لأنني انشغلت بالمسرح والقصة القصيرة آنذاك.
عندما نقول إن محمد سعيد ناود شخصية فذة، فهو حقاً كذلك، ونضيف إنها شخصية نادرة، قلما يحضى بها شعب!
بوم أمس الأول، الخميس، رحل محمد سعيد ناود عن دنيانا، بعد أن خلف ذخيرة ثقافية مهمة لشعبه، ونشاط سياسي طويل اتسم بالجد والمثابرة والصمت، وهما أثمن ما يقدمه الإنسان الناجح.

(فيما يلي سيرة ذاتية بسيطة لناود نشرت في الموقع الإلكتروني للمركز الإرتري للخدمات الإعلامية)
- من مواليد عام 1926 .
- درس الأولية والوسطي بمدينة بورسودان وتم قبوله بمعهد (بخت الرضا) عام 1952 ليصبح معلّماً لكنه أتجه الي العمل الوظيفي حيث عمل بشركة التلغراف الشرقية (الإيسترن) ببورتسودان.
- شارك في الحركة الوطنية السودانية من أجل الإستقلال في فترة الدراسة ضمن الأحزاب السياسية حتي نال السودان إستقلاله.
- في الفترة من 1954 - 1958 كان يقوم بجولات سنوية في بعض المدن الأرترية ليتقصي أوضاع ارتريا وشعبها تمهيدا لتأسيس الحركة السرية.
- قام بتأسيس وقيادة حركة تحرير أرتريا في نوفمبر عام 1958. وترأس بعد ذلك مؤتمرها السري بالعاصمة الأرترية أسمرا.
- استقال من عمله الوظيفي في عام 1965 ليتفرغ كلياً للقضية الأرترية.
- بعد عام 1970 ناضل في صفوف قوات التحرير الشعبية وكان رئيس المكتب السياسي لفترة طويلة.
- ترأس التنظيم الموحد قبل الفترة التي سبقت تحرير ارتريا.
- عاد الي البلاد بعد الإستقلال وأصبح حاكماً لأقليم الساحل لفترة وجيزة.
- تفرغ بعد ذلك الي الكتابة والتأليف ويعتبر من أكثر الأقلام الأرترية إثراءً للمكتبة حيث لديه مؤلفات عديدة ومقالات لا حصر لها عن القضية والثورة الأرترية ومن مؤلفاته:
- قصة الإستعمار الإيطالي لأرتريا.
- رواية رحلة الشتاء وهي أول رواية ارترية مكتوبة باللغة العربية.
- رواية (المغترب) التي فقدت قبل طباعتها في بيروت.
- العروبة والإسلام بالقرن الأفريقي.
- حركة تحرير أرتريا.
ـ الحقيقة والتأريخ.
- عمق العلاقات العربية الأرترية.
- أرتريا طريق الهجرات والديانات ومدخل الإسلام الي أفريقيا.
- شخصيات ورموز أرترية.
- تأريخ الطريقة الختمية في أرتريا.
- متزوج ولديه ثلاثة أبناء وبنت.

الجمعة، 17 سبتمبر 2010

عبد الرحمن الراشد، الشخصية المنفتحة التي ضاقت بها الوهابية

يستحيل صنع إعلام عقلاني إذا تربصت به أيديولوجية منغلقة ترفع نفسها إلى منزلة التقديس!
في المملكة السعودية، تخرج أعداد كبيرة من الشباب المنفح على العالم، الذي يميّز بين ما يقوله العقل، وبين ما يتمسك به الآباء من أفكار مقولبة، جامدة، يتجاوزها العصر، فيختاروا المنطق البسيط الذي يسود العصر، ويأملوا أن يصبح لهم دور في مستقبل بلدهم، بيدّ أن الوهابية، وهي اجتهاد شخصي واحد يعود إلى القرن السادس عشر، أحكمت ربط الصحراء بالتخلف، تظل تقيدهم، تحفر لهم وتعمق الحفر، إلى أن تطيح بآمالهم وتزيلهم عن المشهد!
عبد الرحمن الراشد كان واحداً من هؤلاء الشباب، كشف حيل فضائية "الجزيرة" في التلاعب بالحقائق، وفند أطماع إيران وطرق تسللها إلى المنطقة العربية، وبيّن ما يشكله حزب الله من أخطار على لبنان، وتابع سياسات حماس وتأثيرها السلبي على القضية الفلسطينية، ووقف ضد إقامة مسجد في الكراند زيرو كونه يثري أفراداً محدودين بينما يخلف أزمة بين الأمريكان والمسلمين، وخاض في أكثر من موضوع حساس ترددت الصحافة العربية عن التطرق إليها، وأظهر في كل ذلك روحاً موضوعية لا تثير العداء، محاججة، تسكت الآخر، لأن هدفها استقرار المنطقة.
إزاحة، أو تنحي الراشد عن فضائية العربية لا يحرك نأمة في المملكة، لأن الوهابية حولتها إلى بركة ما برحت تجف على الدوام، لكن السلفين والأصوليين والأيديولوجيات التي تخنق المنطقة بتكرار الأقوال البالية، سيجدون الراحة الكبيرة في التخلص منه، لأنه مناقش جيد ضد التحجر الذي يراد به عزل البلدان العربية عن العالم، كي توصم مجتمعاتها بالعجز عن النهوض، فتفر العقول الوثابة الشابة للخارج، ويبقى المستكينون ليتكيفوا مع الركود المميت!
لا تربطني أية صلة بالراشد، لكنني حين كنت أقرأ بعض مقالاته في جريدة "الشرق الأوسط" أشعر بأن السعودي عندما يغدو في الخارج يتحرر من شبح كبير اسمه الوهابية المخيمة على الأذهان الضعيفة، ويحيلني هذا إلى بن لادن، فقد عاد إلى السعودية من الدراسة في أمريكا بالبنطلون الجِنز، لكن سرعان ما أظلم عقله وبدأ يتخاطر مع الوهابية، ثم أعلن الجهاد، ولم يفهم أحد سبباً وجيهاً لذلك، إلا أنه آذى العالم، ثم آذى المسلمين، وانقلب ليؤذي السعوديين، رغم أنه تلقى منهم الدعم المالي أكثر من غيرهم!

الأحد، 12 سبتمبر 2010

تيري جونز والتهديد بحرق القرآن!

يبدو أن العيش في الصحراء أو الأدغال يؤديان إلى التخلف الطويل، ولم يحدث أن استثني شعب أو جماعة عن ذلك، والإسلام، الذي نشأ في الصحراء لم يعرف التسامح إلا حين اختلطت القبائل العربية بالحضارات في شرق وشمال الجزيرة العربية، والقرآن في الأصل لم يشر إلى كلمة التسامح، فهو مرة يدعو إلى العفو ويعود في أحيان كثيرة إلى البطش بالأعداء، بيدَ أن القبائل العربية التي اتجهت إلى سوريا وفلسطين، بلاد البيزنطيين واليهود، والشرق حيث امتدت الحضارات السومرية والبابلية حتى بلغت شواطئ البحرين وعُمان، عرفت هناك معنى التسامح والعفو، بينما بقيت الجزيرة العربية على تمسكها العنيد والطويل بتعاليم الإسلام.
وتوجد شعوب وجماعات ليست صحراوية ولا تمت للغابات الحارة بصلة، إلا أن طبيعتها تميل إلى التخلف وترتاح إلى ما فيه من ركود ويقينيات باتة لا يمسها الزمن.
عندما أعلن القس تيري جونز، التي وصفت كنيسته بالصغيرة لا يدخلها غير خمسين عضواً، بأنه ينوي إقامة مراسم لحرق القرآن، هبت جماعات إسلامية منددة ومنذرة، وأحرقت العلم الأمريكي لتبيان موقفها الصاخب، كالعادة، من نية جونز، ورغم أنه تراجع عن الحرق، بيدَ أنه اشترط لذلك تراجع المسلمين عن إقامة مسجد في كراوند زيرو، فلعب على وتر حساس للأمريكيين المعارضين لمشروع المسجد، وهم يقدرون بنسبة 75%، الذين يجدون فيه تحدياً فجاً من المسلمين لمشاعرهم.
لنتلافى أصحاب اللحى الكثة، ممن يسارعون إلى احراق الأعلام، ونحصر المسألة بالأمريكيين وحدهم، مثلاً:
- لماذا يصر المسلمون الأمريكيون على إقامة المسجد، وهو يحمل أكثر من معنى لاستفزاز مشاعر الأغلبية من الأمريكيين، إذ سيقول لهم، مع كل آذان، نحن هنا لتدمير حضارتكم من عقر داركم!
- ماذا ينفع المسلمون الأمريكيون إبقاء جذوة الأحقاد ملتهبة؟
- وهل نهضت في نفسياتهم، وقد عاشوا فترات طويلة في أمريكا، نزعة التخلف الذي يعود بأصوله الأولى إلى الصحراء المغلقة على ذاتها؟
- هل خلت نيويورك من مساجد ضخمة للمسلمين، وضاقت بهم الأرض، فلم يجدوا غير كراوند زيرو، أرض الكارثة، ليقيموا فيها مسجداً لهم؟ إن نيويورك تحتوي على 95 مسجدًا، منها 28 في حي كوينز، و27 في بروكلين، و22 في مانهاتن، و18 مسجدًا في جزيرة ستايتن، فهل يبغي المسلمون إضافة منارة جديدة في الكراوند زيرو، أم إنها خطوة أخرى نحو أسلمة نيويورك؟
يقول محمد مهدي عاكف، المرشد العام السابق للإخوان المسلمين، وهو يشير إلى مكتب الجماعة في مصر: من هذه الغرفة سوف نغزو العالم أجمع إنشاء الله!
إن تيري جونز ليس متعصباً إلا بما تقتضيه الحال، وفي البلدات الأمريكية توجد جوامع لا يؤمها أكثر من عشرين شخصاً، ولعل المتحمسين لإقامة المسجد، إضافة إلى أصحاب المشروع من التجار، وذوي المطامع بالثراء السريع، هم نوع من الرعاع الذي لا يفهمون وضعهم كمواطنين أمريكيين بالدرجة الأولى، ولا يقدرون معنى الاستفزاز لغيرهم، وهم يتصورون أنهم رعايا لدول إسلامية لا حق لأمريكا عليهم، وأن أغلب المتطرفين يلجأون إلى المساجد ليتعلموا فيها الأرهاب، وإن بن لادن فجر طائراته فوق برجي مركز التجارة العالمي باسم الإسلام المتعصب، وهو ما زال يخاطب بأعماله الإجرامية الرعاع وحدهم، فلماذا يصر بقية مسلمي أمريكا على استتفزاز الأكثرية من الأمريكيين، الذين ما زالوا يخشون المسلميين المتعصبين من تدمير حضارتهم!

السبت، 4 سبتمبر 2010

المنَقَبون العرب، وأصحاب الجدائل اليهود، رفضوا السلام!

المفاوضات المباشرة بدأت يوم الأربعاء في واشنطن برعاية أوباما، أفتتحتها وزير الخارجية كلينتون، ثم توالى على الكلام بنيامين نتينياهو بكلمة ذكّر العرب فيها بأنهم أولاد جدّ واحد: "جدنا إبراهيم حين واتته المنية أجتمع حوله ابناه اسحق واسماعيل ليدفنوه في الخليل " يريد القول إننا انحدرنا من جدّ واحد في المنطقة، وإن أمن إسرائيل تعتبر أولوية.
وردّ محمود عباس بأن إيقاف المستوطنات هي المهم بالنسبة للفلسطينيين، وباشر الطرفان جولة من المفاوضات استمرت ثلاث ساعات أعتبرها جورج ميتشيل، المندوب الأمريكي للمنطقة، بأنها بناءة!
باستثناء إيران، لا يوجد من يعارض السلام، لأن فلسطين هي الذريعة الكبرى لمليشاتها (حزب الله) التي أصبحت تقاتل اللبنانيين وتصلي بالنار بيوتهم ودكاكينهم وجوامعهم، وفلسطين التي ملّ شعبها من حكاية "النضال" يرغب في السلام لكي يعمل ويعيش مثل بقية البشر، فينتهي فصل مريع قوامه ستون عاماً، أمضاها في حمل كل راية لطامع يريد الزعامة من داخل المنطقة، أو يسعى للتسلل إليها من خارجها، أما شعوب الدول العربية فقد تخلت، بعد أن اكتشفت أن فلسطين هي لعبة يتعارك حولها العرب والأجانب، من أن تكون ضحية أبدية لهذه المعادلة الكريهة، التي أريد لها أن لا تنتهي، ودفعت المجتمعات العربية ثمناً باهضاً لفلسطين، من دون أن يستفيد الفلسطينيون شيئاً!
إذن، على نتينياهو، الذي وصف باليميني المتشدد، وليس غير المتشددين في إسرائيل من يوقعون على عمليات السلام، عليه أن يعرف ويتصرف على أساس أن المستوطنات، إذا حُفظ الأمن، ليست سوى بناء يمكن هدمه من أجل السلام، وأن الفلسطينيين الذين ظهروا وهم منَقبون ليرفضوا السلام، إنما ينطقون باسم حكومات أخرى لا تريد للاستقرار أن يعم فلسطين لتواصل تدخلها السمج من مسافات بعيدة.
أما عباس، فعليه أن لا يعود إلى التاريخ لضمان حقوق الفلسطينيين، لأن التاريخ لصالح إسرائيل في النهاية، وما كلام نتينياهو إلا لتذكير العرب بأن اليهود والعرب أبناء منطقة واحدة، وأن القصة تقول بأن إسماعيل ذهب إلى الجزيرة العربية بعد الدفن، بينما أسس أبناء اسحق دولتين لليهود (يهودا والسامرة) قبل ولادة المسيح، ولعل أسماء المدن والقرى العبرية شاهد قوي على وجودهم، وليس كما يدعي الخياليون عرب الحاضر، بأن اليهود جاءوا إلى فلسطين من الخارج ليحتلوا أرض العرب، بل العكس هو الصحيح، وحتى كلمة فلطسين وفلسطينيين لا تنطبق على العرب الذين دخلوا إثر الغزو الإسلامي، بل تعود إلى أكثر من ذلك.
وتشير كلمة فلسطين إلى قوم جاءوا من جزيرة كريت اليونانية وأقاموا بضع آلاف من السنين جنوب صور حتى الزاوية السفلى لشرق البحر المتوسط، ثم انقرضوا كما انقرضت بلايين الأحياء من البشر والحيوانات والحشرات والنباتات لأسباب جينية لم تكن معروفة في ذلك الزمان، وكان الإمبراطور الروماني أدريان هو الذي أطلق على تلك الأرض أسم فلسطين (1) وغالبية العرب لا يعرفون أصل هذه الكلمة "فلسطين" لأنها غير موجودة في القرأن ولا في المعاجم اللغوية.
إن الرجلين، محمود عباس ونتينياهو، وهما صادقان في نواياهما وقلقهما حول أمن إسرائيل وحقوق عرب فلسطين، يمكنهما تحقيق السلام العميق، الذي ساد البلد في أواخر القرن الثامن عشر، حين كانت الإمبراطورية العثمانية في حالة يرثى لها من التفكك، بينما كان العرب واليهود يختلطون ويعملون ويتقاسمون نفس المصير في أرض فلسطين، بعيداً عن أنظار العالم وأنفاس الطامعين الكريهة، التي غذت الكراهية والأحقاد بين الشعبين، وقدمت لهم أوهاماً عن أرضين ودولتين في بقعة صغيرة واحدة، لا تستند الى الواقع، ويفندها التاريخ، إلا أنها نجحت في زرع شرخ كبير بينهما.
تلك هي الحصانة الفعلية لأمن إسرائيل من المنَقبين العرب، وحفظ الحقوق للعرب من أصحاب الجدائل اليهود، وكل منهما يعيش في دوامة من الأوهام الخاصة بكل واحد منهما!
إنظر: www.arifalwan.com/article20.htm