الاثنين، 12 يوليو 2010

الحلّ الذي ينهي مشكلة حماس

من يعتقد أن الأكاذيب تنطلي على العالم ولفترة طويلة، فهذا دليل على قصر نظره السياسي، وفي القرن العشرين كان غوبلز أكبر الكذابين على الإطلاق، وأطول فترة لعمر كذبه لا يتجاوز العشر سنوات، ثم تعرى هو وكذبه!
وتعتمد ما تسمى بالقوى الإسلامية المتطرفة على الكذب، بيدً أن كذبها له روح جداً قصيرة، أقصر من عمر الذباب!
حين فازت حماس في الانتخابات، بعد أن صوت لها الفلسطينيون نكاية بفساد السلطة، طلب منها العرب انتهاج سياسة واقعية، بعيداً عن تأثير الدول المتطرفة، لأنها أصبحت معنية بمصير الشعب الفلسطيني كله، وعليها إثبات أهليتها بإدارة الصراع مع إسرائيل على ضوء العوامل الجديدة، والتزاماً بالاتفاقات الدولية وصولاً إلى حل يؤكد حقوقه، إلا أنها أدارت ظهرها لكل العرب، وراحت تنفذ السياسات الإيرانية والسورية، المعزولتين في الأصل عن العرب والعالم، ثم وضعت الحماسيين في جهة وبقية الشعب الفلسطيني في جهة ثانية، وتجاهلت مطالبه الخاصة بالقضاء على الفساد بإقامة صرح جديد للفساد وتربعت على عرشه!
المعروف عن إيران، التي وصفت موسكو ساستها بالغوغائية، أنهم يتعاملون مع الحليف كتابع ومتبوع، وهذا يعود إلى طبيعة نظام أحمدي نجاد، الذي يؤمن بالمهدي وبقوة، وقد تحلّق به الأوهام فيعتبر نفسه "المهدي" الذي ينتظره الشيعة. وحين نشب سوء تقدير للمواقف من البرنامج النووي الإيراني بين موسكو، ثم الصين، وصوتت الدولتان إلى جانب قرار مجلس الأمن الأخير القاضي بالعقوبات، شنّ أحمدي جاد هجوماً عنيفاً على موسكو، ثم سافر إلى الصين ليسمعهم نفس الكلام، لذلك جاء وصف الروس له بالغوغائية.
هذا على مستوى دول كبرى تحتاجها إيران، فكيف تجري الأمور مع جماعة إسلامية صغيرة؟
حماس ثعبان برأسين، الأول يتكئ على طهران، الممول الرئيس لها، حيث تزودها بالسلاح المهرب والأموال، والثاني وقع في أحضان دمشق، التي لا تدفع مليماً واحداً، لكنها تملي على قادة حماس المواقف، وواجبهم أن يطيعوا، والرأسان يلدغان كل من جهته بما يخدم مصالح الدولتين!
ما يزيد من عزلة حماس، إضافة إلى خطها المتشدد في الداخل، أن لإيران مطامع في المنطقة العربية، ولن يناقش غير الساذج في حقيقتها، بينما اتجهت دمشق إلى دفع المسلحين العرب على جبهة لبنان وغزة إلى استفزاز إسرائيل وأبقت على حدودها السورية في صمت القبور، مما أدى إلى انزعاج العرب، ثم الخلاف مع دمشق نتيجة خطها الكلامي المزدوج. ورغم تحسن العلاقات بينها وبين السعودية بسبب تخفيف تدخلها الفج في لبنان، إلا أن بقية العرب ظل ينظر بشك إلى جدوى سياستها ذي الوجهين، بينما هي لا توقف المزايدة على مواقفهم القومية!
مع هذين الاتجاهين اللذين يلعبان برؤوس القادة، تبقى حماس هي الجناح العسكري للإخوان المسلمين المصريين، وتمثل بالنسبة لهم البذرة الأولى للخلافة الإسلامية، التي ينام ويصحو الإخوان على النداء باسمها، وربما لأنهم لا يملكون فكراً جديداً غيرها، وهم بالتالي لا يمكنهم التخلي عن البذرة، والأقرب إلى التضحية بالقضية الفلسطينية نفسها!
الأسبوع الفائت نشب خلاف بين مصر وحماس، سببه المعلن امتناع الدولة المصرية عن السماح لقادة حماس باستخدام معبر رفح للخروج، رغم أن الخارج مغلق بوجه أولئك القادة، وسببه الخفي أن الحكومة المصرية رفضت اقتراحات حماس بتعديل وثيقة المصالحة الوطنية، أما سببه الأعمق أن حماس تريد وضع الوثيقة والتوقيع عليها بيد سوريا، وهذا يعني إشراك إيران، الغائب الحاضر في الأمر، بينما تعرف مصر أن إشراك هذين الشريكين سوف يؤدي إلى عدم التوقيع على الوثيقة والمماطلة حول بقية الشروط!
أثر تصريحات (الزهار) هبت أجهزة حماس للهجوم على الحكومة المصرية، وهي تعلم أن مصر أكثر الدول العربية إخلاصاً لما تبقى من القضية الفلسطينية، التي دفع بها قادة حماس إلى طريق مسدود لا مخرج له!
إذن، ما هي صورة الحل للمشكلة الفلسطينية التي أعلن نتينياهو استعداده للتفاوض حولها؟
هناك سلطة فلسطينية في الضفة، وإمارة إسلامية في غزة، ونتينياهو قد يتحجج بعدم البحث في أمور دولتين فلسطينيتين مقابل إسرائيل وأمنها!
الإمارة رهينة ثلاثة أطراف، كل طرف يريد استخدام القضية لأهدافه الخاصة، والأطراف الثلاثة لا تتفق مع أهداف الطرف الآخر، سوى أنها تقوم على الأوهام والخداع!
يوجد طيف حل، يلوح في الأفق ثم يختفي، بيدً أن نتينياهو قد يقدم عليه مضطراً، لينهي التوترات على حدود إسرائيل الشمالية والجنوبية ليسمح لها بالعيش ضمن أمن تختفي منه التهديدات، يقوم على توجيه ضربة قاصمة لحزب الله في لبنان، والمؤشرات على الأرض تشير إلى ذلك، يتبعها ، أو يسبقها، سحق حماس وقياداتها، وبهذه الطريقة يمكن أن تعيش المنطقة، تبعاً لذلك، في هدوء، بعد اختفاء الإمارة الإسلامية!
هناك خبر واحد وأخير ذكرته اليوم إذاعة بي بي سي العربية، يقول: إن أحد الأشخاص المدعو أبو نافذ ويبلغ من العمر 25 عاماً أقام إمبراطورية مالية تقدر بملايين الدولارات من تهريب السلع إلى قطاع غزة. هذا دليل على أن الفقراء في غزة ازدادوا فقراً في ظل حكومة حماس، بينما ظهرت طبقة جديدة من الأغنياء من ضمنهم أبو نافذ، الذي يدفع الضرائب المجزية لحركة حماس!!

ليست هناك تعليقات: