الثلاثاء، 20 يوليو 2010

لماذا يبقى بلير مبعوثاً للجنة الرباعية بعد أن لطخت الشبهات اسمه

تثار من جديد، وهذه المرة بقوة، فضيحة حكومة العمال البريطانية الخاصة بإطلاق سراح عبد الباسط المقرحي قبل انتهاء حكمه، وبذريعة إصابته بالسرطان، حيث ادعت السلطات الاسكتلندية أن المرض لن يمهله أكثر من شهرين.
بلوغ "البعد الثالث" أشار في حينه (1مايو 2010) إلى ملابسات القضية، ونبه إلى أن السجين- الحر ما زال يتمتع بالحياة وبالامتيازات المغدقة عليه!
الجانب الإنساني حاضر وبقوة أيضاً في القضية، فالسجين- الحر معطوب بعلته المزمنة، لكن الضحايا قضوا في الحادث ولن تستعاد حياتهم ولا حريتهم. إن أشلاء 270 من القتلى مدفونة منذ عام 1989، والذي تبقى الآن على قيد الحياة المقراحي من جهة، والفضيحة التي ظلت ترفس ولا تريد الموت!
رئيس الوزراء الأسبق توني بلير يقف على رأس الفضيحة، وهو مثير ملابسات عديدة، تساعده زوجته شيري الباليستر (محامي مدعي العام) ترتب له التلاعب المدروس بالقوانين. لقد بعث بلير بأول رسالة إلى العقيد القذافي، كتبت نصها شركة شل، يهنئه بعيد الثورة ويقترح عليه إبرام صفقة التنقيب عن البترول على سواحل البحر الأبيض مقابل إطلاق سراح المقراحي! ولم ينتبه أحد إلى دور آخر ساهمت فيه شركة النفط البريطانية (BP) أيضاً!
قد يتساءل البعض عن سبب تقاتل رؤساء الأحزاب في الحكومات الديمقراطية على الفوز بالحكومة؟
إن ارتفاع أو انخفاض معدل النمو ونسبة البطالة هما الدليل على نجاح حكومة ما، أما ما يسمى بمصالح الشعب فتترك لحكومات الدول المتخلفة تلهو بها!
كان بلير يبحث منذ الأيام الأولى لتوليه منصب رئيس الوزراء عن مناصب استشارية. هنا يكمن السر الحقيقي في نيل منصب رئيس الوزراء!
تصف الجرائد البريطانية بلير بالجشع، والكذب، والتحايل، وتزييف الحقائق، وإفساد من حوله بالرشا، بيد أنه أيضاً عمل على تحسين الاقتصاد، وساهم في حل مشكلة الكوسوفو، ومشلكة ايرلندا الشمالية، ثم بدأت الانهيارات الكبيرة في سمعته بعد الحرب على العراق.
وتذكر نفس الجرائد أن ثروته بلغت الثلاثين مليون دولار أثناء توليه المنصب وبعده، ولم يكن حسابه البنكي يتضمن إلا على بضعة آلاف من الجنيهات قبل ذلك!
ما يهمنا الآن أن توني بلير الذي تهاوت سمعته، هو ممثل اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، التي تضم كل من الاتحاد الأوربي والاتحاد الروسي والولايات المتحدة والأمم المتحدة، عينه بوش في هذا المنصب في اليوم الثاني لخروجه من الحكومة، وبراتب تقدره الصحف بمليون دولار في السنة، فإذا تركنا المليون جانباً، لماذا ظل بلير في هذا المنصب بعد الفضائح التي علقت باسمه؟ وهل مشكلة الشرق الأوسط تسير بصورة جيدة نحو الحل في عهد بلير، لكي بيقى رجل تصفه جرائد بلده بالمحتال؟
عين الرئيس بوش حليفه في حرب العراق كممثل للجنة الشرق الأوسط، والوظيفة تتضمن التنسيق مع الحكومة الفلسطينية من أجل إعادة تأهيل الاقتصاد وتأمين القدرة للسلطة على تحقيق الأمن بقواتها في المدن الفلسطينية، أي أنها تتعلق بمشتريات وصفقات في الدرجة الأولى، فهل خلت بريطانيا وأوربا من شخصية نزيهة، وذات تاريخ لا تلطخها الشبهات حتى يختار توني بلير لهذه المهمة؟!

الجمعة، 16 يوليو 2010

دبي والفايننشال تايمز: بوابة إعادة التصدير لإيران

نشرت الفايننشال تايمز الإنكليزية تقريرين كبيرين، يتطرق الأول (13/تموز) إلى تطور البرنامج النووي الإيراني الذي بلغ مراحل متقدمة، ويبحث الثاني (14/تموز) في دور إمارة دبي في خرق العقوبات الاقتصادية القديمة والجديدة على إيران. هنا ترجمة لبعض الحقائق والأرقام التي يعتمدها التقرير الثاني:
تعتمد إمارة دبي على الاقتصاد الحر.
تعتبر أكبر مصدر لتمويل الإرهاب في العالم. بعد أحداث 11 سبتمبر حاولت أمريكا التضييق عليها، فنجحت بنسبة ما.
وهي مركز لإعادة الصادرات لأيران.
بلغت إعادة الصادرات 1.8 بليون دولار في عام 2002
ارتفعت عام 2008 إلى 13 بليون دولار.
تمثل صادرات دبي إلى إيران من مجمل صادراتها الكلية % 18
الحرس الثوري هو إمبراطورية مستقلة عن النظام، له أساليبه الخاصة في التحايل والابتزاز والرشوة، أصبح خبيراً في إنشاء الشركات والأعمال الوهمية في دبي لتأمين البضائع من دول الغرب وإعادة تصديرها لإيران.
في الشهر الماضي انخفضت الصادرات بنسبة %8 مع بداية الحصار مقارنة مع العام الماضي.
تعداد سكان دبي 1.8 مليون، يوجد بينهم 100 ألف – 400 ألف من أصل إيراني، يحمل بعضهم جنسية دولة الإمارات.
عام 2003 تم الكشف عن نشاطات شركات عالم الذرة الباكستاني (خان) كانت تعمل على تصدير المواد التي تدخل في صناعة القنبلة النووية لإيران.
سفير دولة الإمارات المتحدة في واشنطن أعلن في مؤتمر صحفي أن بلاده تؤيد عمل عسكري ضد المواقع النووية الإيرانية.
تنأى دولة الإمارات باستمرار عن سياسة دبي لأن لها جزر ثلاثة محتلة من قبل إيران. حين تعرض اقتصاد دبي إلى هزة في العام الحالي، ماطلت دولة الإمارات في سدّ العجز المالي، ثم انتزعت تعهدات بعدم استخدام الأموال في سياسات تسمح للحرس الثوري بغسيل الأموال وتغطية الائتمانات المصرفية لتسهيل إعادة الصادرات لإيران.
لا يمكن ضبط الأحوال الاقتصادية لدبي نتيجة السياسة الحرة المتبعة فيها. وهي سياسات تخلو من أي قدر من الضوابط، ووجود آلاف الإيرانيين فيها.
توجد قوانين اتحادية تلتزم بها دبي، ومن جهة أخرى توجد قوانين محلية تتمتع بها. تستخدم القوانين المحلية لتسهيل تنقل الإيرانيين من دبي إلى العالم، وبعد تشديد قوانين الاتحاد على دبي لجأ الكثير من الإيرانيين إلى الإمارات الصغيرة (الشارقة-رأس الخيمة- البحرين- قطر) حيث يمكنهم فتح الحسابات لصالح الحرس الثوري، وإعادة تصدير البضائع الغربية إلى إيران.
في حالة توجيه ضربة عسكرية غربية إلى المواقع النووية الإيرانية، تخشى دولة الإمارات والسعودية ومصر على الوضع في إمارة دبي، حيث يمثل وجود الإيرانيين حالة شاذة فيها، وللحرس الثوري نفوذ قوي!!
انتهت الترجمة.

الاثنين، 12 يوليو 2010

الحلّ الذي ينهي مشكلة حماس

من يعتقد أن الأكاذيب تنطلي على العالم ولفترة طويلة، فهذا دليل على قصر نظره السياسي، وفي القرن العشرين كان غوبلز أكبر الكذابين على الإطلاق، وأطول فترة لعمر كذبه لا يتجاوز العشر سنوات، ثم تعرى هو وكذبه!
وتعتمد ما تسمى بالقوى الإسلامية المتطرفة على الكذب، بيدً أن كذبها له روح جداً قصيرة، أقصر من عمر الذباب!
حين فازت حماس في الانتخابات، بعد أن صوت لها الفلسطينيون نكاية بفساد السلطة، طلب منها العرب انتهاج سياسة واقعية، بعيداً عن تأثير الدول المتطرفة، لأنها أصبحت معنية بمصير الشعب الفلسطيني كله، وعليها إثبات أهليتها بإدارة الصراع مع إسرائيل على ضوء العوامل الجديدة، والتزاماً بالاتفاقات الدولية وصولاً إلى حل يؤكد حقوقه، إلا أنها أدارت ظهرها لكل العرب، وراحت تنفذ السياسات الإيرانية والسورية، المعزولتين في الأصل عن العرب والعالم، ثم وضعت الحماسيين في جهة وبقية الشعب الفلسطيني في جهة ثانية، وتجاهلت مطالبه الخاصة بالقضاء على الفساد بإقامة صرح جديد للفساد وتربعت على عرشه!
المعروف عن إيران، التي وصفت موسكو ساستها بالغوغائية، أنهم يتعاملون مع الحليف كتابع ومتبوع، وهذا يعود إلى طبيعة نظام أحمدي نجاد، الذي يؤمن بالمهدي وبقوة، وقد تحلّق به الأوهام فيعتبر نفسه "المهدي" الذي ينتظره الشيعة. وحين نشب سوء تقدير للمواقف من البرنامج النووي الإيراني بين موسكو، ثم الصين، وصوتت الدولتان إلى جانب قرار مجلس الأمن الأخير القاضي بالعقوبات، شنّ أحمدي جاد هجوماً عنيفاً على موسكو، ثم سافر إلى الصين ليسمعهم نفس الكلام، لذلك جاء وصف الروس له بالغوغائية.
هذا على مستوى دول كبرى تحتاجها إيران، فكيف تجري الأمور مع جماعة إسلامية صغيرة؟
حماس ثعبان برأسين، الأول يتكئ على طهران، الممول الرئيس لها، حيث تزودها بالسلاح المهرب والأموال، والثاني وقع في أحضان دمشق، التي لا تدفع مليماً واحداً، لكنها تملي على قادة حماس المواقف، وواجبهم أن يطيعوا، والرأسان يلدغان كل من جهته بما يخدم مصالح الدولتين!
ما يزيد من عزلة حماس، إضافة إلى خطها المتشدد في الداخل، أن لإيران مطامع في المنطقة العربية، ولن يناقش غير الساذج في حقيقتها، بينما اتجهت دمشق إلى دفع المسلحين العرب على جبهة لبنان وغزة إلى استفزاز إسرائيل وأبقت على حدودها السورية في صمت القبور، مما أدى إلى انزعاج العرب، ثم الخلاف مع دمشق نتيجة خطها الكلامي المزدوج. ورغم تحسن العلاقات بينها وبين السعودية بسبب تخفيف تدخلها الفج في لبنان، إلا أن بقية العرب ظل ينظر بشك إلى جدوى سياستها ذي الوجهين، بينما هي لا توقف المزايدة على مواقفهم القومية!
مع هذين الاتجاهين اللذين يلعبان برؤوس القادة، تبقى حماس هي الجناح العسكري للإخوان المسلمين المصريين، وتمثل بالنسبة لهم البذرة الأولى للخلافة الإسلامية، التي ينام ويصحو الإخوان على النداء باسمها، وربما لأنهم لا يملكون فكراً جديداً غيرها، وهم بالتالي لا يمكنهم التخلي عن البذرة، والأقرب إلى التضحية بالقضية الفلسطينية نفسها!
الأسبوع الفائت نشب خلاف بين مصر وحماس، سببه المعلن امتناع الدولة المصرية عن السماح لقادة حماس باستخدام معبر رفح للخروج، رغم أن الخارج مغلق بوجه أولئك القادة، وسببه الخفي أن الحكومة المصرية رفضت اقتراحات حماس بتعديل وثيقة المصالحة الوطنية، أما سببه الأعمق أن حماس تريد وضع الوثيقة والتوقيع عليها بيد سوريا، وهذا يعني إشراك إيران، الغائب الحاضر في الأمر، بينما تعرف مصر أن إشراك هذين الشريكين سوف يؤدي إلى عدم التوقيع على الوثيقة والمماطلة حول بقية الشروط!
أثر تصريحات (الزهار) هبت أجهزة حماس للهجوم على الحكومة المصرية، وهي تعلم أن مصر أكثر الدول العربية إخلاصاً لما تبقى من القضية الفلسطينية، التي دفع بها قادة حماس إلى طريق مسدود لا مخرج له!
إذن، ما هي صورة الحل للمشكلة الفلسطينية التي أعلن نتينياهو استعداده للتفاوض حولها؟
هناك سلطة فلسطينية في الضفة، وإمارة إسلامية في غزة، ونتينياهو قد يتحجج بعدم البحث في أمور دولتين فلسطينيتين مقابل إسرائيل وأمنها!
الإمارة رهينة ثلاثة أطراف، كل طرف يريد استخدام القضية لأهدافه الخاصة، والأطراف الثلاثة لا تتفق مع أهداف الطرف الآخر، سوى أنها تقوم على الأوهام والخداع!
يوجد طيف حل، يلوح في الأفق ثم يختفي، بيدً أن نتينياهو قد يقدم عليه مضطراً، لينهي التوترات على حدود إسرائيل الشمالية والجنوبية ليسمح لها بالعيش ضمن أمن تختفي منه التهديدات، يقوم على توجيه ضربة قاصمة لحزب الله في لبنان، والمؤشرات على الأرض تشير إلى ذلك، يتبعها ، أو يسبقها، سحق حماس وقياداتها، وبهذه الطريقة يمكن أن تعيش المنطقة، تبعاً لذلك، في هدوء، بعد اختفاء الإمارة الإسلامية!
هناك خبر واحد وأخير ذكرته اليوم إذاعة بي بي سي العربية، يقول: إن أحد الأشخاص المدعو أبو نافذ ويبلغ من العمر 25 عاماً أقام إمبراطورية مالية تقدر بملايين الدولارات من تهريب السلع إلى قطاع غزة. هذا دليل على أن الفقراء في غزة ازدادوا فقراً في ظل حكومة حماس، بينما ظهرت طبقة جديدة من الأغنياء من ضمنهم أبو نافذ، الذي يدفع الضرائب المجزية لحركة حماس!!